قال المؤذن: حيّ على الصلاة، كذلك السنة وعليه كان السلف.
وروينا عن عليّ عليه السلام وعبد الله وكانوا إذا قال المؤذن: حيّ على الصلاة قام الناس للدعوة، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبّر الإمام، ويبقى المؤذن وحده يتم الإقامة، ثم يدخل في الصلاة والإمام يقرأ سورة الحمد، لأنّ حقيقة قوله قد قامت الصلاة أي قد قام الناس للصلاة، وقد قام المصلّون لأنّ الصلاة لا تقوم، فإذا قاموا عند قوله: قد قامت الصلاة كان المؤذن صادقاً في قوله، وإن كان جائزاً على المجاز لقرب الوقت وظهور سبب القيام، ولذلك كره أن يكون الإمام مؤذناً لأنه حينئذ يحتاج أن يكبّر ويدخل الناس في الصلاة عند قوله: قد قامت الصلاة، وكذلك جاء عن السلف من السنّة أن يكون الأذان في المنارة والإقامة في المسجد ليقرب على المؤذن الدخول في الصلاة، وكذلك قال بلال لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تسبقني بآمين؛ أي تمهّل حتى أدرك النامين معك لفضله إذ قد علم أنه يسبقه بافتتاح الحمد، وفي هذا دليل على صحة اختيارنا فيما ذكرنا من انتظار الإمام لمن سمع خفق نعله إذا كان في أول الركوع لقول بلال: لا تسبقني بآمين ولم يقل: لا تسبقني بالحمد ولا أستحبّ للإمام الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وإن كانت آية من سورة الحمد فأكثر الروايات وأثبتها عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الجهير بها، وأنه الآخر من فعله فقد كانوا يأخذون بالآخر فالآخر من أفعاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأنه مذهب أكثر العلماء.
وروينا عن ابن مسعود أنه قال: من السنّة أن لا يخفي الإمام أربعاً؛ سبحانك اللهم، والاستعاذة، وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم، والتأمين، وقد روينا عن عليّ كرّم الله وجهه: الجهر بها، وعن ابن عباس: ليس من السنّة الجهر بها ولا أكره القنوت في صلاة الغداة بالكلمات الثمانية التي رويت عن الحسن عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقولها سرّاً ولا يرفع يديه، لأنها تجري مجرى الدعاء، وإن ترك ذلك فحسن، قد تركه أكثر الفقهاء واستحبّ أن يقرأ في ليلة الجمعة وغداتها من السور ما روينا عن رسول الله في حديثين؛ المشهور منهما: أنه كان يقر في صلاة الغداة يوم الجمعة بسورة السجدة (هَل أَتى) الدهر: 1، والحديث الآخر، أنه كان يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ وقُلْ هُوَ الله أحَدٌ) الكافرون: 1، الإخلاص: 1، وفي عشاء الآخرة بسورة الجمعة وسورة المنافقين، واستحبّ أن يقول في تشهّده من الدعاء ما علم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عائشة من الجوامع والكوامل: اللهم إني سألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، أسألك مما سألك منه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعوذ بك ما استعاذك منه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم ما قضيت لي من أمر فاجعل عاقبته رشداً،