في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا، وكان من دعاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني أستغفرك لما علمت وما لم أعلم، فقيل له: أتخاف يا رسول الله؟ قال: وما يؤمنني والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وقال اللّّه تعالى: (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) الزمر: 74، قيل: عملوا أعمالاً ظنوا أنها حسنات، فلما كان عند الحساب والميزان وجدوها سيّئات، وقيل كانت هذه الآية مبكاة العابدين، وقيل في معنى قوله تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) الأنعام: 115، وقيل: صِدْقاً لمن مات على الإيمان وعدلاً لمن مات على الشرك كقوله تعالى: (إنَّ الَّذينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) يونس: 96 - 97، وقال سبحانه: (وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذِلكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ) المؤمنون: 63، وقال: (يَنَالُهُمْ نَصيبُهُمْ مِنَ الكِتَابِ) الأعراف: 37، وقال: (وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص) هود: 9، 1، وقال: (وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) الحج: 41، وقال: (لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إلاَّ للهُ) النمل: 65، فالاستثناء في الإيمان هو من الإيمان، والاستثناء في كل شيء من علامة الأولياء، والإشفاق من الشرك والنفاق، هو من مزيد الإيمان لئلا يسكن العبد إلى شيء ولا يزكي نفسه بشيء، وقال سري السقطي: لو أنّ رجلاً دخل إلى بستان فيه من جميع الأشجار عليها من جميع الأطيار فخاطبه كل طير منها بلغة فقال السلام عليك يا ولي الله فسكنت نفسه إلى ذلك كان أسيراً في أيديها.