والإعراض؛ وهو الرياء والمداهنة والتصنّع للخلق والتزيّن بالحق وائتلاف الألسنة واختلاف القلوب وتفاوت القول والعمل ومخالفة الأمر إلى ما ينهي عنه واختلاف السرّ والعلانية وزيادة الظواهر على السرائر، وهذا المعنى من النفاق الذي خالفه السلف وكانوا منه على إشفاق، وكان سهل يقول: المرائي حقّاً الذي يحسن ظاهره، حتى لا تنكر العامة والعلماء من ظاهره شيئاً وباطنه خراب، وقد كان الحسن وأصحابه يسمون أهل البدع منافقين، وكان ابن سيرين وأصحابه يسمونهم خوارج، وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين ومائة، وفي رواية خمسمائة من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يخاف النفاق على نفسه، وقال مرة: ما منهم أحد يقول أنا على إيمان جبريل وميكائيل عليهما السلام.
وقد روينا عن عليّ وأبي سعيد قال: الأرجاء بدعة وقال أبو أيوب: أنا أكبر من الأرجاء، أول من أحدث الأرجاء رجل من أهل المدينة ذكره، وقال قتادة: لعن الله ديناً أنا أكبر منه، وإنما ظهر الأرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث يعني في ولاية الحجاج، وقال سفيان الثوري: من قال أنا مؤمن عند الله فهو من الكذابين، ومن قال أنا مؤمن حقّاً فهو بدعة، قيل: فما يقول؟ قال: (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إبْرَاهِيمَ) البقرة: 136 الآية، فقيل للحسن: أمؤمن أنت؟ قال إن شاء الله، فقيل: تستثني يا أبا سعيد في الإيمان؟ فقال: أخاف أنْ أقول نعم فيقول الله تعالى: كذبت يا حسن فيحق علي الكلمة، وكان يقول ما يؤمنني أن يكون الله عزّ وجلّ قد اطلع عليّ في بعض ما يكره فمقتني، وقال: اذهب لا قبلت لك عملاً أبداً فأنا أعمل في غير معمل، وكان جماعة من أهل العلم يرون السؤال عن قوله أمؤمن أنت؟ بدعة، ويقول بعضهم: إذا قيل لك أمؤمن أنت؟ فقل: آمنت بالله وكتبه ورسله، وقال إبراهيم: إذا قيل لك أمؤمن أنت؟ فقل: ما أشك في الإيمان وسؤالك إياي بدعة.
وروينا عن الثوري عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم النخعي: إذا سئلت أمؤمن أنت؟ فقل: لا إله إلاّ الله، ومنصور عن إبراهيم قال: سئل علقمة فقال: أمؤمن أنت؟ فقال: أرجو ذاك إن شاء الله، وكان الثوري يقول: نحن مؤمنون بالله وملائكته ورسله وما ندري ما نحن عند الله، وقال بعض العلماء: أنا مؤمن بالإيمان غير شاكّ فيه ولا أدري أناممن قال الله سبحانه أولئك هم المؤمنون حقّاً أم لا.
وقال بعض العارفين: لو عرضت عليّ الشهادة عند باب الدار والموت على التوحيد