الفصل الثاني عشر
في ذكر الوتر وفضل الصلاة بالليل
عن مبارك بن عوف الأحمسي عن عمر بن الخطاب قال: إن الأكياس الذين يوترون أول الليل وإن الأقوياء يوترون آخر الليل، وهو أفضل، وقد يروى في خبر أن رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل أبا بكر رضي اللَّه عنه متى توتر؟ فقال: من أول الليل قبل أن أنام، وقال لعمر رضي اللَّه عنه متى توتر؟ فقال: من آخر الليل، فقال لأبي بكر حذر هذا وقال لعمر قوي هذا، وفي بعض الأخبار أنه قال لأبي بكر مثلك كالذي قال أحرزت نهبي وابتغي النوافلا وقال لعمر إنك لقوي مكين.
وروينا عن عثمان رضي اللَّه عنه أنه قال: أما أنا فأوتر أول الليل فإذا استيقظت صليت ركعة شفعت بها وتري فما شبهتهما إلا كالغربية من الإبل ضممتها إلى أخواتها ثم أوترت من آخر صلاتي والمشهورة عنه من فعله أنه كان يحيي الليل كله بركعة واحدة يختم فيها القرآن وهي وتره.
وروينا عن علي عليه السلام أنه قال: الوتر على ثلاثة أنحاء إن شئت أوترت أول الليل ثم صلّيت ركعتين، ركعتين، وإن شئت أو ترت بركعة، فإذا استيقظت شفعت إليها أخرى، ثم أو ترت من آخر الليل، وأن شئت أخرت الوتر حتى يكون آخر صلاتك، وفي حديث ابن عمر صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة، وهذا أحب الوجوه إلي، وقال مجاهد قال عبد اللَّه بن عمر: من صلّى أربعاً بعد العشاء كن كعدلهن من ليلة القدر، وقال حصين: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: كان عبد اللَّه بن مسعود يكره أن تتبع كل صلاة بمثلها، وكانوا يصلون العشاء ثم يصلون ركعتين ثم أربعاً، فمن بدا له أن يوتر أوتر ومن أراد أن ينام نام، وقال رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أوتروا يا أهل القرآن من كل الليل، وقالت عائشة رضي الله عنها: قد أوتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أوله وأوسطه وانتهى وتره إلى السحر، وفي الخبر كان رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر عند الأذان ويصلي ركعتين عند الإقامة