مسألة واحدة سأل عنها في القدر حتى قيل محي من ديوان النبوة، وقد قال الله تعالى فوق ذلك كله: (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجَلَ مِنْ بَعْدِهِ) البقرة: 92، ما جاءتكم البّينات فعفونا عن ذلك، فإن شاء أن يعفو عفا عن العظائم فلم يعظم عليه شيء، وإن شاء طالب وناقش على الصغائر، ولا تصغر الذرة والخردلة عن مطالبته، وكيف يصغر ذنب ممن واجه به الملك الجبّار؟ ألا ترى من كشف عورته بين يدي نبي كفر لانتهاك حرمة النبوّة فكيف بالعظيم الأكبر لولا فضله ورحمته؟ وفي قوله سبحانه: (يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) آل عمران: 129، قيل: يغفر لمن يشاء على الذنب العظيم، ويعذّب من يشاء على الذنب الصغير، وقيل: يشترك الجماعة في المعصية فيغفرها لبعضهم ويبدلها حسنات، فلا تضرّه بل تكون عاقبتها ما يسرّه، ويعذّب البعض بذنبه ولا يغفر له، وقد لا ينفعه معه عمل لا يسأل عمّا يفعل، وهم يسألون له الخلق والأمر، يحكم بأمره في خلقه ما يشاء، كيف شاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله، واحتمل لآصف بن برخيا فوق ذلك كله، يقال: إنه كان أحد المسرفين، ولا يصلح أن تذكر ذنوبه لمكان علمه ولحسن عطف الله عليه، ثم تداركه مولاه، واجتباه، وأعطاه العلم والفضل، وأيد به نبيه وخليفته، وجعله وزيره، وأطلعه على الاسم الأعظم بعد ما كان منه ما يتعاظم لئلاّ ييأس محبّ من عطفه، ولكيلا يقنط متحجّب من لطفه، ولم يسمح لبلعم بن باعوارء بذنب واحد من ذنوب آصف بن برخيا إلاّ إنّ بلعم أكل دنياه بدينه وأدخل الهوى على العلم فضلّ بذلك وهلك واشتدّ مقت الله له، وآصف كانت معاصيه في جوارحه بينه وبين خالقه، فكان آصف مستبدلاً به من بلعم لما أري تلك الآيات، فانسلخ منها بعد العبادات، إذ لم يرد بحقائقها والنيات فيه، ويقال: إنه أوتي الاسم الأعظم المتصل بكل المتصلة

بكان، وقد قيل: كان أوتي فوق ذلك ثم انسلخ من الآيات فسكن إلى الدنيا وهوى في الهالكات، ولم ينفعه ما كان منه من العبادة والزهادة كي لا يأمن عامل من عماله مكره، ولئلا يدل عالم عليه بما أظهره، وكان آصف في كبائر المخالفات فاستنقذ منها ثم أوتي بعدها الآيات لأنّه بوصف مراد وفي مقام محبوب، هذا بحضرة نبي الله وخليفته في الأرض سليمان عليه السلام.، وقد قيل: كان أوتي فوق ذلك ثم انسلخ من الآيات فسكن إلى الدنيا وهوى في الهالكات، ولم ينفعه ما كان منه من العبادة والزهادة كي لا يأمن عامل من عماله مكره، ولئلا يدل عالم عليه بما أظهره، وكان آصف في كبائر المخالفات فاستنقذ منها ثم أوتي بعدها الآيات لأنّه بوصف مراد وفي مقام محبوب، هذا بحضرة نبي الله وخليفته في الأرض سليمان عليه السلام.

فأمّا قصة بلعم فهي أشهر من أن نذكرها، ولها مقدمات فيها قصص وإطالة لا نشتغل بذكره، ولكن نذكر بعض ما انتهى إلينا من قصة آصف، وليس كل أحد على قصته يقف، حدثونا أنّ الله تعالى أوحى إلى سليمان عليه السلام: يا ابن رأس العابدين ويا ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015