في التوحيد بمخالفة علم الشرع وأن الحقيقة تخالف العلم والحقيقة هي علم وهي أحد طرقات الشريعة وعلم الشرع عنها فكيف تنافيها وهي التي أوجبته وإنما هي عزيمة وضيقة وعلم الظاهر هو الرخصة والسعة فمن تكلم في علم الباطن على غير قواعد العلم الظاهر وأصوله فذلك من الإلحاد في الشريعة والوليجة بين الكتاب والسنة.
وقد قال بعض العارفين: نظرت إلى هؤلاء الشاطحين فما وجدت إلا جاهلاً مغروراً أو خاسئاً حبوراً أو مستظهراً بلا شيء، ومنها الكلام في الدين بالوساوس والخطرات عن غير ردّ مواجيدها إلى الكتاب والسنّة والواجب معرفة تفصيلها، ونفى ما لم يشهد له الكتاب والسنّة منها، إذ في المواجيد ضلال وغرور وفي المشاهدات باطل وزور، مع دعواهم المحبة وإنكارهم الصفة التي جاءت بها السنّة وعن غير شهادة موصوف وادعائهم المعرفة من غير تعرف معروف وممّا أحدثوا السجع في الدعاء والتغريب فيه ولم يرد الكتاب به ولا نقل عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا الصحابة بل كانوا ينهون عن الاعتداء في الدعاء ويجتنبون محاوزة ما أخبر الله تعالى عن أوليائه من الأدعية الجامعة المختصرة المعروفة.
وروينا عن رسول اللّّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إياكم والسجع في الدعاء، حسب أحدكم أن يقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وفي الخبر سيأتي قوم يعتدون في الدعاء والطهور، وسمع عبد الله بن مغفل ابنه يدعو بدعاء يغمق فيه فقال: يا بني إياك والحدث والاعتداء في الدعاء، وفي قوله عز وجلّ: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضرُّعاً وخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتدينَ) الأعراف: 55، قيل في الدعاء: فالاعتداء في الدعاء هو ترك ما أخبر الله عزّ وجلّ عن أوليائه الصالحين من الدعاء بالمغفرة والرحمة والتوبة ومعنى ذلك من الدعاء المعروف والقول المشهور إلى التنطع والتعميق والتغريب والتدقيق، ويقال إن العلماء والأبدال لا يزيد أحدهم على سبع كلمات في الدعاء ووجدت تصديق ذلك في الكتاب إن الله تعالى ما أخبر عن عباده في الدعاء في مكان واحد أكثر من سبع دعوات، وهي التي في أخر سورة البقرة، وإلا إنما يخبر عنهم بالدعوتين والثلاث والأربع إلى الخمس في مواضع من الكتاب متفرقة.
ومرّ بعض السلف بقاصّ يدعو يسجع في دعائه ويتعمق فقال له: ويلك على الله تبالغ، أشهد لقد رأيت حبيباً العجمي يدعو وما يزيد على قوله: اللهم اجعلنا جيدين، اللهم لا تفضحنا يوم القيامة، اللهم وفّقنا للخير، قال: والناس يبكون من كل ناحية وكنا نتعرف إجابة دعائه وبركته، وكان أبو يزيد البسطامي يقول: سله بلسان الحاجة لا بلسان الحكمة، وقال الحسن: ادع بلسان الاستكانة والافتقار لا بالفصاحة والانطلاق، ومما أحدثوه أخذ القرآن بالإدارة وتنازع الاثنين الآية أو تلقي الرجلين للآيتين في مكان واحد بمنزلة الاختلاس والنهبة من غير خشوع للقرآن ولا هيبة، وقراءة القرآن تحتاج إلى حزن وسكون