كثير: قلت فيكون قلب بلا لسان فقال: نعم قد يكون، ولكن لسان بلا قلب بلاء وقلب بلا لسان نعمة قلت فإذا كان لسان وقلب قال: فذاك الزيد بالنرسبان يعني العسل.
وقد روينا حديثاً مقطوعاً عن سفيان عن مالك بن مغول قال: قيل يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: اجتناب المحارم ولايزال فوك رطباً من ذكر الله تعالى، قيل: يا رسول الله فأي الأصحاب خير؟ قال: صاحب إن ذكرت أعانك وإن نسيت ذكرك، قيل: فأي الأصحاب شر؟ قال: صاحب إن سكت لم يذكرك وإن ذكرت لم يعنك، قال: فأي الناس أعلم؟ قال: أشدهم لله تعالى خشية، قال فاخبرنا بخيارنا نجالسهم قال: الذين إذا رأوا ذكر الله تعالى قالوا: فأي الناس شر يا رسول الله؟ قال: اللهم اغفرا قالوا أخبرنا يا رسول الله قال: العلماء إذا فسدوا وقد وصف علي عليه السلام علماء الدنيا الناطقين عن الرأي والهوى بوصف غريب.
رويناه عن خالد بن طليق عن أبيه عن جده وجده عمران بن حصين قال: خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام ورضي عنه فقال: ذمتي رهينة وأنا زعيم لا يهيج على التقوي زرع قوم ولا يظمأ على الهدى شح أصل، وإن أجهل الناس من لا يعرف قدره وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف قدره، وإن أبغض الخلق إلى الله تعالى رجل قمش علماًً أغار في أغباش الفتنة عمي عماً في غيب الهدنة سماه أشباه الناس وأرذالهم عالماً ولم يغن في العلم يوماً سالماًً بكر فاستكثر مما قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى من آجن وأكثر من غير طائل جلس للناس مفتياً لتخليص ما التبس على غيره فإن نزلت به إحدى المبهمات هيأ؟ لها عشوالرأي من رأيهم فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أخطأ أم أصاب ركاب الجهالات خباط عشوات ظلمة لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم، تبكي منه الدماء وتصرخ منه المواريث وتستحل بقضائه الفروج الحرام، لا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه ولا هو أهل لما قرطبه أولئك الذين حلت عليهم النياحة والبكاء أيام حياة الدنيا، ووصف علي عليه السلام علماء الآخرة في حديث كهيل بن زياد الذي يقول فيه الناس: ثلاثة عالم رباني يعني عالماً بالربوبية فننسبه إلى رب كما سماهم الله في قوله: (كُونُوا رَبَّانِيِّين بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ) آل عمران: 79 الآية، فسمّى العالم بكتابه ربانياً والدارس له ربانياً فهذا قد جمع العلم والعمل وكذلك يقال: العالم الرباني هو الذي يعلم ويعمل ويعلم الناس الخير، قال: فذاك الذي يدعى عظيماً في ملكوت السماء، وقال تعالى في تقدمتهم: (لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ والأحْبَارُ) المائدة: 63 فقدم الربانيين على الأحبار وهم علماء الكتب