وقال بشر بن الحارث: من طلب الرياسة من العلماء فتقرب إلى الله تعالى ببغضه فإنه مقيت الله في السماء والأرض، وكان الأوزاعي يروي عن بلال بن سعد أنه كان يقول: ينظر أحدكم إلى الشرطي والعون فيستعيذ بالله تعالى من حاله ويمقته وينظر إلى عالم الدنيا قد تصنع للخلق وتشوف للطمع والرياسة فلا يمقته، هذا العالم أحقّ بالمقت من ذلك الشرطي، وقد كان أبو محمد يقول: لا تقطعوا أمراً من الدين والدنيا إلابمشورة العلماء تحمدوا العاقبة عند الله قيل: يا أبا محمد من العلماء؟ قال الذين يؤثرون الآخرة على الدنيا ويؤثرون الله تعالى على نفوسهم، وقد قال عمر رضي الله عنه في وصيته: وشاور في أمورك الذين يخشون الله تعالى.
وروينا في الإسرائيليات أن حكيماً من الحكماء صنف ثلاثمائة وستين مصحفاً في الحكمة حتى وصف بالحكم فأوحىالله تعالى إلى نبيهم: قل لفلان قد ملأت الأرض نفاقاً ولم تردني بشيء من ذلك وإني لا أقبل شيئاً من نفاقك قال: فأسقط في يديه وحزن وترك ذلك وخالط العامة ومشى في الأسواق وواكل بني إسرائيل وتواضع في نفسه فأوحى الله تعالى إلى النبي عليه السلام: قل له الآن وافقت رضاي، وقال بعض العلماء: كان أهل العلم على ضربين، عالم عامة وعالم خاصة، فأما عالم العامة فهو المفتي في الحلال والحرام وهؤلاء أصحاب الأساطين، وأما عالم الخاصة فهو العالم بعلم التوحيد والمعرفة هؤلاء أهل الزوايا وهم المنفردون وقد كانوا يقولون مثل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه مثل دجلة كل أحد يعرفها، ومثل بشر بن الحارث مثل بئر عذبة مغطاة لا يقصدها إلا واحد بعد واحد، وقال حماد بن زيد: قيل لأيوب العلم اليوم أكثر أو فيما مضى؟ فقال: العلم فيما مضى كان أكثر والكلام اليوم أكثر، ففرق بين العلم والكلام وقد كانوا يقولون فلان عالم وفلان متكلم وفلان أكثر كلاماً وفلان أكثر علماً، وكان أبو سليمان يقول: المعرفة إلى السكوت أقرب منها إلى الكلام، وقال بعض العارفين هذا العلم على قسمين: نصفه صمت ونصفه تدري أين تضعه، وزاد آخر: ونصفه وجد ونصفه نظريعني تفكراً واعتباراً، وسئل سفيان عن العالم من هو؟ فقال: من يضع العلم في مواضعه ويؤتي كل شيء حقه، وقال بعض الحكماء: إذا كثر العلم قل الكلام، وقد كان إبراهيم الخواص رحمه الله يقول: الصوفي كلما ازداد علماً نقصت طينته، وقال بعض شيوخنا: قلت للجنيد يا أبا القاسم يكون لسان بلاقلب، قال