الصديقون، يعني قوله بأيام الله أي بنعمته الباطنة وبعقوباته الغامضة، ثم قال: الناس كلهم موتى إلا العلماء والعلماء نيام إلا الخائفين والخائفون منقطعون إلا المحبين، والمحبون أحياء شهداء وهم المؤثرون لله تعالى على كل حال، وقد كان يقول: طلاب العلم ثلاثة، واحد يطلبه للعمل به، وآخر يطلبه ليعرف الاختلاف فيتورع ويأخذ بالاحتياط، وآخر يطلبه ليعرف التأويل فيتناول الحرام فيجعل حلالاً فهذا يكون هلاك الحق على يديه، وقد حدثت عن أبي يوسف أنه كان إذا صار رأس الحول وهب ماله لامرأته واستوهبها مالها فتسقط عنهما الزكاة فذكر ذلك لأبي حنيفة فقال: ذلك من فقهه فإنما يطلب لعلم المعرفة الورع والاحتياط للدين فهذا هو العلم النافع فإذاطلب لمثل هذا ولتأويل الهوى كان الجهل خيراً منه وصار هذا العلم هو الضار الذي استعاذ الرسول منه.

وروينا عن عمر وغيره: كم من عالم فاجر وعابد وجاهل، فاتقوا الفاجر من العلماء والجاهل من المتعبدين، وعن عمر أيضاً: وقد رويناه مسنداً: اتقوا كل منافق عليم اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون، وروينا عنه أيضاً تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم وتواضعوا لمن تعلمون وليتواضع لكم من يتعلم منكم ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم، وروينا عن علي وابن عباس رضي اللّّه عنهما وعن كعب الأحبار: يكون في آخر الزمان علماء يزهدون الناس في الدنيا ولا يزهدون ويخوّفون ولا يخافون وينهون عن غشيان الولاة ولا ينتهون ويؤثرون الدنيا على الآخرة ويأكلون الدنيا بألسنتهم أكلاً يقربون الأغنياء ويباعدون الفقراء يتغايرون على العلم كما تتغاير النساء على الرجال يغضب أحدهم على جليسه إذاجالس غيره ذلك حظهم من العلم، وفي حديث علي رضي الله عنه: علماؤهم شر الخليفة، منهم بدت الفتنة وفيهم تعود، وفي حديث ابن عباس: أولئك الجبارون أعداء الرحمن، وروينا عن علي عليه السلام: ما قطع ظهري في الإسلام إلا رجلان، عالم فاجر، ومبتدع ناسك، فالعالم الفاجر يزهد الناس في علمه لما يرون من فجوره والمبتدع الناسك يرغب الناس في بدعته لما يرون من نسكه، وقال صالح بن حسان البصري: أدركت المشيخة وهم يتعوذون بالله تعالى من الفاجر العالم بالسنة، وقال الفضيل بن عياض: إنما هما عالمان، عالم دنيا وعالم آخرة، فعالم الدنيا علمه منشور وعالم الآخرة علمه مستور، فاطلب عالم الآخرة واحذر عالم الدنيا لا يصدنك بشكره، ثم قرأ إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، قال: فالأحبار العلماء والرهبان الزهاد، وقال سهل بن عبد الله: طلاب العلم ثلاثة، فواحديطلب علم الورع مخافة دخول الشبهة عليه، فيدع الحلال خوف الحرام فهذا زاهد تقي، وآخر يطلب علم الاختلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015