وصف قلوب أعدائه المحجوبين: (كَاَنَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لاَيَستَطيعُونَ سَمْعاً) الكهف: 101 ومثله: (أعِنْدَهُ عِلْمُ الغيب فَهُوَ يَرَى) النجم: 35 ففي تدبر معناه أن أولياءه المستجيبين له سامعون منه مكاشفون بذكره ناظرون إلى غيبه، وقال تعالي في مثله (مَثَلُ الفَريقَيْنِ كَالأعْمَى وَالأصَمِّ) هود: 24 هذا فريق المتبعين للسبل المتفرقة عن سواء السبيل بهم الضالين عن سواء الصراط، (وَالبَصِيرِ وَالسَّميعِ) هود: 24 هو فريق المهتدين المتبعين للصراط المستقيم، وقال تعالى: (مَا كَانُوا يَسْتَطِعُون السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِروُن) هود: 20 أو ألقي السمع وهو شهيد إن كان اللَّه يريد أن يغويكم هو ربكم وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجمل صفة القلب التقوى ههنا وأشار إلى القلب وقال اللَّه سبحانه وتعالى في ذكر القلوب المقفلة بالذنوب: (لَوْ نَشَاءُ أَصبَنْاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ) الأعراف: 100 وقال تعالى في فض طابعها بالتقوى: (وَاتَّقُوا الله وَاسْمَعُوا) المائدة: 108 و (اتَّقُوَا اللَّه وَيَعَلِّمُكُمُ اللَّه) البقرة: 282 وفي الخبر: إذا أراد اللَّه بعبد خيراً جعل اللَّه زاجراً من نفسه وواعظاً من قلبه، وفي الخبر الآخر: من كان له من قلبه واعظ كان عليه من اللَّه حافظ.

وروينا في تفسير قوله تعالى: (رَبَّنَا إنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي للإيمَانِ) آل عمران: 193 قال سمعناه من قلوبنا وقال في ضده لأعدائه: (أُولئِكَ يُنَادُونَ مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ) فصلت: 44 عن قَلوبهم، وقال اللَّه تعالى في التوبة من ميل القلوب وهمها: (إنْ تَتُوبَا إلى اللَّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) التحريم: 4، وبمعناه وهموا بما لم ينالوا فإن يتوبوا يك خيراً لهم، وقال في تحقيق العمى للقلب: (فَإنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلوبُ الْتي في الصُّدُور) الحج: 46 فأهل القلوب يتعظون بلا واعظ من خلق ويزدجرون بلا زاجر في ظاهر وسائر ما ذكرناه من الخواطر لا تعدمه المؤمنون والقلب خزانة اللَّه تعالى من خزائن الغيب وهذه المعاني جنود الله تعالى مقيمة حول القلب يخفي منها ما يشاء ويظهر ويبدي منها ما يريد ويعيد ويبسط القلب بما يشاء منها ويقبضه فيما شاء عنها وكل قلب اجتمع فيه ثلاثة معان لم تفارقه خواطر اليقين، ولكن يضعف الخاطر ويخفي لضعف المعاني ودقتها ويقوي اليقين ويظهر بقوتها لأن هذه الثلاثة مكان اليقين أحدها الإيمان وموضعه من اليقين مكان حجر النار والثاني العلم ومكانه موضع الزناد والثالث العقل وهو مكان الحراق فإذا اجتمعت هذه الأسباب قدح خاطر اليقين في القلب، ومثل القلب في قوته بقوة مدده وفي صفائه بجودة عدده مثل المصباح في القنديل إلى مكان العقل منه والزيت موضع العلم به وهو روح المصباح وبمدده يكون ظهور اليقين والفتيلة مكان الإيمان منه وهي أصله وقوامه الذي يظهر بها، فعلى قدر قوة الفتيلة وجودة جوهرها يقوى اليقين وهو مثل الإيمان في قوته بالورع وكماله بالخوف وعلى مقدار صفاء الزيت ورقته واتساعه تضيء النار التي هو اليقين وهو مثل العلم في مدد الزهد وفقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015