اللَّه: قال: وأنا، إلا أن اللَّه تعالى أعانني عليه فأسلم، وقال ابن مسعود رضي اللَّه عنه: وقد روينا من طريق مسند في القلب لمتان؛ لمة من الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق ولمة من العدوّ إيعاد بالشر وتكذيب بالحق ونهي عن الخير، وروينا عن الحسن رحمه اللَّه أنه قال: هما همان يجولان في القلب همّ من اللَّه تعالى وهمّ من عدوّه فرحم اللَّه عبداً وقف عند همه فما كان اللَّه أمضاه وما كان عدوّه يجاهد، وقال مجاهد في قوله تعالى: (مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِِ الخَنَّاس) الناس: 4 قال: هو منبسط على قلب الإنسان، فإذا ذكر اللَّه تعالى خنس وانقبض وإذا غفل انبسط على قلبه وقال عكرمة الوسواس محله في الرجل في فؤاده وعينيه ومحله في المرأة في عينيها إذا أقبلت وفي عجيزتها إذا أدبرت، وقال جرير بن عبدة العدوي: شكوت إلى العلاء بن زياد ما أجد في صدري من الوسوسة فقال: إنما مثل ذلك مثل النقب الذي تمر به اللصوص فإن كان فيه شيء عالجوه وإلا مضوا وتركوه، وقد روى أبو صالح عن أبي هريرة عن رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فهو الران الذي ذكره اللَّه تعالى: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَا كَانُوا يَكسِبُونَ) المطففين: 14.
وروينا عن جعفر بن برقان قال: سمعت ميمون بن مهران يقول: إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه بذلك نكتة سوداء فإن تاب محيت من قلبه فترى قلب المؤمن مجلواً مثل المرآة ما يأتيه الشيطان من ناحية إلا أبصره، وأما الذي يتتابع في الذنوب كلما أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء فلا يزال ينكت في قلبه حتى يسود قلبه فلا يبصر الشيطان من حيث يأتيه وقد أخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن قلب المؤمن أجرد فيه سراج يزهر في تقسيمه القلوب.
روينا عن أبي سعيد الخدري وأبي كبشة الأنماري وبعضه أيضاً عن حذيفة عن رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: القلوب أربعة، قلب فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن، وقلب أسود منكوس فذلك قلب الكافر، وقلب أغلف مربوط على غلافه فذلك قلب المنافق وقلب مصفح فيه إيمان ونفاق فمثل الإيمان فيه مثل البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والصديد، فأي المدتين غلبت عليه حكم له بها، وفي لفظ بعضهم: غلبت عليه ذهبت به، وقال اللَّه تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّه) المائدة: 50 وقال تعالى: (إنَّ الَّذينَ اتَّقُوا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فإذَا هُمْ مُبْصِرْونَ) الأعراف: 201 فأخبر أن جلاء القلوب الذكر به يبصر القلب وأن باب الذكر التقوى به يذكر العبد، فالتقوى باب الآخرة كما أن الهوى باب الدنيا، وأمر اللَّه تعالى بالذكر وأخبر أنه مفتاح التقوى لأنه سبب الاتقاء وهو الاجتناب والورع فقال تعالى: (وَاذْكُرُوا مَا فيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأعراف: 171 وأخبر أنه أظهر البيان للتقوى في