وقد روينا عن أنس بن مالك عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا سلم يوم الجمعة سلمت الأيام وإذا سلم شهر رمضان سلمت السنة وقال بعض علمائنا: من أخذ مهناه في هذه الأيام الخمسة في الدنيا لم ينل مهناه في الآخرة وقال هذه الأيام يرجى فيها الفضل من الله عزّ وجلّ والمزيد، فإذا اشتغلت فيها بهواك وعاجل الدنيا فمتى ترجو الفضل والمزيد يعني بالأيام الخمسة العيدين ويوم الجمعة ويوم عرفة ويوم عاشوراء، ومن فواضل الأيام بعد هذه يوم الاثنين ويوم الخميس يومان ترفع فيهما الأعمال إلى الله عزّ وجلّ، ومن الفاضل الشهور الأربعة الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب خصهن الله عزّ وجلّ بالنهي عن الظلم فيهن لعظم حرمتهن، فكذلك الأعمال لها فيهن فضل على غيرها وأفضلها ذو الحجة لوقوع الحج فيه ولما خصّ به من الأيام المعلومات والأيام المعدودات ثم ذو القعدة لجمعه الوصفين معاً وهو من الأشهر الحرم ومن أشهر الحج فأما المحرم ورجب فليسا من أشهر الحج، وأما شوّال فليس من أشهر الحرم ولكنه من أشهر الحج وأفضل الأيام في الشهر العشران العشر الآخر والعشر الأوّل من ذي الحجة وبعدهما عشر المحرم من أوله فالأعمال في هذه الأيام لها فضل ومزيد على سائر الشهور.
وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من صام ثلاثة أيام من شهر حرام بعده الله من النار سبعمائة عام يوم الخميس ويوم الجمعة ويوم السبت، وفي خبر آخر صوم يوم من شهر حرام يعدل صوم ثلاثين يوماً من غيره، وصوم يوم من شهر رمضان يعدل صوم ثلاثين يوماً من شهر حرام، ثم إن أفضل الأوقات في جملة الأيام أوقات الصلوات الخمس.
وروينا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخلت العشر الأواخر من شهر رمضان طوى الفراش وشد المئزر، وفي حديث آخر: إذا دخلت العشر الأواخر دأب وأدأب أهله يعني أدام وأداموا التعب والنصب في العبادة، وفي الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما من أيام العمل فيهن أفضل وأحب إلى الله عزّ وجلّ من أيام عشر ذي الحجة، إن صوم يوم منه يعدل صيام سنة وقيام ليلة منه يعدل قيام ليلة القدر، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع منهما بشيء، وفي لفظٍ آخر إلا من عقر جواده وأُهْرِقَ دمه، واذا أحب الله عزّ وجلّ عبداً استعمله في الأوقات الفاضلة بأفضل الأعمال ليثيبه أفضل الثواب وإذا مقت عبداً استعمله بأسوأ الأعمال في أفاضل الأوقات ليضاعف له السيّئات بانتقاص حرمات الشعائر وانتهاك المحرمات في الحرمات، ويقال من علامات التوفيق ثلاث: دخول أعمال البرّ عليك من غير قصد لها، وصرف المعاصي عنك مع الطلب لها، وفتح باب اللجا والافتقار إلى الله عزّ وجلّ في الشدة والرخاء، ومن علامات الخذلان ثلاث: تعسر الخيرات عليك مع الطلب لها، وتيسر المعاصي لك مع الرهب منها وغلق باب اللجا والافتقار إلى الله عزّ وجلّ، في كل حال فنسأل الله تعالى بفضله حسن التوفيق والاختيار ونعوذ به من سوء القضاء والأقدار.