غير كاف في العمل به، ولا ملجئ إليه؛ وإن كان محفوظًا به من المخالفة لزم أن لا يعصي العالم إذا كان من الراسخين فيه، لكن العلماء تقع منهم المعاصي ما عدا الأنبياء عليهم السلام، ويشهد لهذا في أعلى الأمور قوله تعالى في الكفار1: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} . وقال2: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} . وقال3: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} وقال4: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} ثم قال: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون} وسائر ما في هذا المعنى فأثبت لهم المعاصي والمخالفات مع العلم فلو كان العلم صادًّا عن ذلك لم يقع.

والثاني: ما جاء في ذم العلماء السوء وهو كثير، ومن أشد ما فيه قوله عليه السلام5: "إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه" وفي القرآن6: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَاب} وقال7: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} الآية. وقال8: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية. وحديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة والأدلة فيه كثيرة، وهو ظاهر في أن أهل العلم غير معصومين بعلهم، ولا هو ما يمنعهم عن إتيان الذنوب فكيف يقال إن العلم مانع من العصيان فالجواب عن الأول أن الرسوخ في العلم يأبى للعالم أن يخالفه بالأدلة المتقدمة، وبدليل التجربة العادية لأن ما صار كالوصف الثابت لا يصرف صاحبه إلا على وفقه اعتيادًا فإن تخلف فعلى أحد ثلاثة أوجه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015