ومنها: أن يكون المحدث قد نسي ذلك الحديث، فلم يذكره فيما بعد. أو أنكر أن يكون حدثه معتقدًا أن هذا علة توجب ترك الحديث، ويرى غيره أن هذا مما يصح الاستدلال به، والمسألة معروفة.
ومنها: أن كثيرًا من الحجازيين يرون أن لا يحتج بحديث عراقي أو شامي إن لم يكن له أصل بالحجاز حتى قال قائلهم: "نزلوا أحاديث أهل العراق بمنزلة أحاديث أهل الكتاب، لا تصدقوهم، ولا تكذبوهم". وقيل لآخر: "سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله حجة؟ " قال: إن لم يكن له أصل بالحجاز فلا. وهذا لاعتقادهم أن أهل الحجاز ضبطوا السنة فلم يشذ عنهم منها شيء، وأن أحاديث العراقيين وقع فيها اضطراب أوجب التوقف فيها، وبعض العراقيين يرى أن لا يحتج بحديث الشاميين، وإن كان أكثر الناس على ترك التضعيف بهذا فمتى كان الإسناد جيدًا كان الحديث حجة سواء كان الحديث حجازيًّا أو عراقيًّا أو شاميًّا أو غير ذلك.
وقد صنف أبو داود السجستاني كتابًا في مفاريد أهل الأمصار من السنن، يبين ما اختص به أهل كل مصر من الأمصار من السنن التي لا توجد مسنده عند غيرهم، مثل المدينة ومكة والطائف ودمشق وحمص والكوفة والبصرة وغيرها إلى أسباب أخر غير هذه.
السبب الرابع:
اشتراطه في خبر الواحد العدل الحافظ شروطًا يخالفه فيها غيره مثل اشتراط بعضهم عرض الحديث على الكتاب والسنة، واشتراط بعضهم أن يكون المحدث فقيها إذا خالف قياس الأصول، واشتراط بعضهم انتشار الحديث وظهوره إذا كان فيما تعم به البلوى إلى غير ذلك مما هو معروف في مواضعه.
السبب الخامس:
أن يكون الحديث قد بلغه وثبت عنده، لكن نسيه وهذا يرد في الكتاب والسنة، مثل الحديث المشهور عن عمر -رضي الله عنه- أنه سئل عن الرجل يجنب في السفر فلا يجد الماء. فقال: "لا يصلي حتى يجد الماء" فقال له عمار1: "يا