أولئك المجروحين عنده، أو قد اتصل من غير الجهة المنقطعة، وقد ضبط ألفاظ الحديث بعض المحدثين الحفاظ، أو لتلك الرواية من الشواهد والمتابعات ما يبين صحتها، وهذا أيضًا كثير جدًّا وهو في التابعين وتابعيهم إلى الأئمة المشهورين من بعدهم أكثر من العصر الأول أو كثير من القسم الأول، فإن الأحاديث كانت قد انتشرت واشتهرت، لكن كانت تبلغ كثيرًا من العلماء من طرق ضعيفة، وقد بلغت غيرهم من طرق صحيحة غير تلك الطرق فتكون حجة من هذا الوجه مع أنها لم تبلغ من خالفها من هذا الوجه، ولهذا وجد في كلام غير واحد من الأئمة تعليق القول بموجب الحديث على صحته فيقول قولي في هذه المسألة كذا، وقد رُوي فيها حديث بكذا فإن كان صحيحًا فهو قولي.

السبب الثالث:

اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره، مع قطع النظر عن طريق آخر، سواء كان الصواب معه أو مع غيره، أو معهما عند من يقول: كل مجتهد مصيب ولذلك أسباب:

منها: أن يكون الحديث يعتقده أحدهما ضعيفًا، ويعتقده الآخر ثقة -ومعرفة الرجال علم واسع- ثم قد يكون المصيب من يعتقد ضعفه لاطلاعه على سبب جارح، وقد يكون الصواب مع الآخر لمعرفته أن ذلك السبب غير جارح، إما لأن جنسه غير جارح أو لأنه كان له فيه عذر يمنع الجرح، وهذا باب واسع وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم.

ومنها: أن لا يعتقد أن المحدث سمع الحديث ممن حدث عنه وغيره يعتقد أنه سمعه لأسباب توجب معروفة ذلك.

ومنها: أن يكون للمحدث حالان: حال استقامة وحال اضطراب، مثل أن يختلط أو تحرق كتبه، فما حدث به في حال الاستقامة صحيح، وما حدث به حال الاضطراب ضعيف، فلا يدري ذلك الحديث من أي النوعين. وقد علم غيره أنه مما حدث به في حال الاستقامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015