ضد اليقين وذلك كالشئ يبدو للعين إذا نظر إليه بدرا غير قوى فلا يميز الناظر إليه بين حقيقة وجود الشئ وبين خيال يميل العين ثم يبصر بعد ذلك نظرا فوق ذلك غير تام فيصير ظانا والظن في اعتقاد العلم احد وجهى الشك برجحانه على الآخر بهوى لا بدليل هو دليل على الحقيقة وضد الظن الحق على ما قال الله تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} [النجم: 28] ثم إذا صار النظر على وجهه وميز بين الدليل وما ليس بدليل وطلب الرجحان لأحد وجهى الشك بالحجة ورجح ومال القلب إليه من غير تعلم فذلك مبدأ العلم فغالب الرأى والعلم الذى يقع بالمقاييس والاجتهادات التي تحتمل الخطأ وأخبار الآحاد ونحوها من الأدلة المجوزة وهذا يسمى علما لكنه على المجاز لقيام شبهة الخطأ واحتماله مع هذا الدليل واسمه على الخصوص من الحق لأنه ثبت عن دليل وضده الظن وإذا ثبت لا عن دليل لكن بهوى النفس ثم إذا جد في النظر وقعت الإصابة وزالت الشبهة من كل وجه صار عالما فصار حكم العلم رؤية للقلب المنظر فيه كرؤية العين المنظور إليه فالعلم للقلب صفة خاصة كالرؤية للعين وقد تستبعد الرؤية عن العين للقلب كالرؤية إنما تكون بتبدى المنظور إليه وكذلك العلم يتبدى المنظور فيه للقلب.
قالوا: واللاعتقاد صفة زائدة للقلب بعد العلم يعلم ثم يعتقد الإنسان بقلبه على ما رأى.
قال: وقد كان إبليس عالما بالله ولم يكن معتقدا والاعتقاد بالقلب كالطاعة للبدن يعلم بوجوب الصلاة ثم حمل بها فيكون الاعتقاد تصديقا بقلبه على ما علم وإن ترك الاعتقاد كان تكذيبا لقلبه.
قال: ثم العلم الأول ما يقع للقلب يكون رؤية بالقلب فإذا دامت الرؤية وزال الاضطراب صار العلم معرفة كالغريب إذا دخل بلدة وصحب أهلها تثبت بينهم المعرفة وإن كان قد ثبت العلم باول رؤية ولهذا يقال للبهائم عرفت كذا ولا يقال علمت كذا لأنها لا تعرف شيئا إلا بالعيان الذى يزيل كل اضطراب والعلم ما يكون [إلا] 1 بنظر القلب والاستدلال الذى هو دون العيان حتى إذا زال الاضطراب بدوام الصحبة قبل المعرفة وضد المعرفة نكرة وضد العلم الجهل ويقال علمت فلانا ولكنه ليس من معارفى إذا لم يكن بينهما صحبة فعلمنا أن المعرفة فوق العلم بزيادة صفة