بالعين عند إرادة الشئ إلى موضع يحتاج إليه ويحرم إطفاء السراج مع إرادته سلوك طريق لا يهتدى إليه بالسراج وإذا حرم الجهل حرمة الظلم لأن حقيقة الظلم وضع الشئ في غير موضعه فيكون الظلم مكابرة لما رأى بنور عقله ويكون الأول تركا للرؤية كالذى لم يفتح عينيه حتى وقع في بئر فيقبح منه ذلك والذى فتح فرأى البئر ثم أوقع نفسه فيها قصدا كان الفعل منه أقبح ومثاله من باب الشرع من بلغته الدعوة والمعجزة فلم يتأمل وكفر كان قبيحا والذى تامل وعرف ورد تعنتا كان أقبح نحو كفر إبليس وفرعون وقارون حيث جحدوا بعدما اشتدت منة أنفسهم وأما العبث فيحرم أيضا لأنه اسم لفعل يخلو عن الفائدة لأن نفس الفعل وإن قل ففيه أدنى مشقة فلا يحتمل عقلا إلا لفائدة أولى.
ومنها السفه لما أوجب مضرة كان أقبح من الأول لوجوب معنى الأول فيه من فوت الفائدة وزيادة من ضرر فكان السفه من العبث كالظلم من الجهل ثم ذكروا أربعة أخرى تحرم بالعقل وقال هى الإيمان بالطاغوت وكون الخلق للحياة الدنيا واقتضاء الشهوات فيه والإنكار بالصانع والإنكار بالعبث للجزاء. وذكر أن الطاغوت كل ما عبد من دون الله وأورد في هذا فصلا بعباراته ونحن نقول إن الفعل بمجرده لا يوجب شيئا ولا يحرم شيئا ولا يفصل فيها تفصيلا بوجه ما والأصل أن كل ما ينال بفعله أو كل ما ينال بالانتهاء عنه السعادة الأبدية.
قلنا: لايثبت سببا من الأمر به أو النهى عنه إلى مجرد العقل لما ذكرنا فلا نعيد.
ثم ذكر فصلا في مباحات العقول وهذا قد سبق الكلام فيه وهى المسألة المعروفة أن الأشياء أصلها على الحظر والإباحة أو على التوقف عن غير اعتقاد حظر ولا إباحة وهذه المسألة سبقت بجوانبها وحواشيها فلا نعيد ثم ذكر في آخره فصلا في أحوال قلب الآدمى قبل العلم وأحواله بعد العلم.
قال: يولد الإنسان وهو بصير كالمجنون في عدم العقل ليس معه قدرة التمييز الذى بها خواطب الإنسان بهذه العلوم وضده العاقل لا العالم ثم يصير غافلا [.....] 1 عن نور في الصدر يبصر به القلب الأمور الغائبة عن الحواس إذا نظر الحجج كما أن العيين إنما تبصر مع نور الهواء إذا نظر فيصير الإنسان إذا عقل قادرا على البصر لكنه على جهل ما لم يبصر وضد الجهل العلم ثم ينظر نظرا ضعيفا فيصير شاكا والميل والشك