للصحبة للقلب لا زيادة درجة الثبوت فإنهما سببان في اليقين ثم العلم بعدما يصير معرفة يتنوع إلى ضربين: علم الظاهر دون المعنى والباطن الذى فيه الحكمة وعند تأيد القلب به يصير معقولا له ويجرى مجرى الطبيعة فمتى نظر بدلالة عقلية وقف على الباطن [وتأيد] 1 القلب به بعد ما اطمأنت إليه [.....] 2 فقهاء والفقه على ضربين ضرب علم أصيب باستنباط المعنى وضد الفقيه صاحب الظاهر وهو الذى يعمل بظاهر النصوص من غير تأمل في معانيها ولا يرى القياس حجة ولو كان العلم والفقه سواء لكان ضد الفقيه هو الجاهل لا عالم يعلم نوعا من العلم فإلى هذا تناهى حد العلم فيرى القلب أول ما يرى بغالب أنه من غير يقين فيميل إليه ثم تزول الشبهة فيصير علما حقيقة ثم ينزل علمه فيصير معرفة ثم ينظر في معناه وحكمته فيقف عليها فيصير فقها وقد فسر عبد الله بن عباس الحكمة بالفقه في جميع القرآن ولهذا نص بهذا الاسم العلماء الذين يرون القياس حجة لأن القياس لا يكون إلا بالوقوف على المعانى الباطنة غير أن الله تعالى يوصف بالعلم ولا يوصف بالمعرفة والفقه
لأن العلم يبتدى المعلوم للعالم على حقيقته والله تعالى لا يخفى عليه شئ فكان عالما والفقه والمعرفة اسمان إلى العلم على ما مر ذلك وليس لله تعالى أحوال في صفاته وأسمائه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولا علم لنا إلا عن دليل والدليل قد يكون حسيا وقد يكون عقليا فالحسيات تشارك البهائم الأدميين في المعرفة الواقعة بها فإنها تعرف أولادها وأحبائها ومراحها ومسرحها لأن لها حواس كما في الآدميين إنما يفارق الآدمى غيره فيما لا يعرف إلا بدلائل العقل إلى آخر ما ذكره.
وهذه الكلمات لا بأس بها وقد تمهدت لنا أصول وقواعد في الديانات بفروعها فما استقام عليها قبلناها وما لا يستقيم عليها رددناها والله الموفق للأرشد والأصوب.
وذكر بعضهم فصلا في تباين ما خص الله تعالى الآدمى بها.
قال: ومنها: الذمة اختص بها الآدمى من بين سائر الحيوانات وسميت رقبة الآدمى الحر ذمة وإنما سميت رقبته ذمة لأن الذمة عبارة عن العهد والحرية ولهذا سمى الكافر المعاهد ذميا لأنه ذو عهد وحرمة والله تعالى جعل الآدمى ذا حرمة عظيمة وشرفه على سائر الحيوانات ولما صارت رقبة الآدمى الحر محترمة كانت محلا لوجوب الحقوق له