إن تنكراه ففي ثراه لطيبهم ... عرف يدلّكما على عرفانه
وأسيل خد ما السلو بممكن ... عنه لأنَّ القلب من أعوانه
حجبوه يوم سروا بأسمر مثله ... لدن وأبيض سلَّ من أجفانه
وله من قطعة أولها:
دار الهوى بين الصريم وحاجر ... هل فيك منتجع لصاد صادر؟
عهدي بربعك عامرًا ولطالما ... عقلت به لبي عقائل عامر
عبد الرحمن بن أبي القاسم بن غنائم بن يوسف بن أحمد بن عبد الله، أبو محمَّد الكنانيُّ، المعروف بابن المسجَّف:
أصله من عسقلان، ومولده بمصر، ونشأ بدمشق، شاعر محسن بذيء اللسان، هجاء متهجم على الهجاء، متسلط على أعراض الكبراء من الناس، وذوي الجاه منهم، وعرف بالهجاء حتى عزي إليه ما ليس له، اكتسب بالشعر ثروة واسعة، ورزق منه حظَّا وافرًا.
لقيته بالموصل في شهر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وستمائة، وردها من بلاد الروم، فوجدته شابًا ذا نعمة ظاهرة، وحسن حال، وغلمان ظراف.
ثم سافر إلى دمشق، فتوفي بها في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وستمائة، وخلف مالًا جزيلًا، نحو ثلثمائة ألف درهم، وغيرها من الأثاث والبضائع، ولم يكن له وارث، ولا تزوج قط، وسمعت أنه كان بخيلًا ساقطًا مقترًا على نفس. فاستنشدته من أشعاره، فأنشدني كثيرًا منها، فمن ذلك قوله في ابن كساء الشاعر