الطرق، فحبته عن الذهاب إلى حضرته، فأنشأ فصلاً يشتمل على نظم ونثر، وصدَّره بهذه الأبيات، وكتبها لي بخط يده: [من الكامل]
يا لحظًة سنحت بها طير المنى ... وجرت لنا بسعودها الأفلاك
عجليَّة الأٍر الوثيق فما لمن ... أسرت وإن بذل الفداء فكاك
سمحت بها كفُّ اللَّيالي فلتًة ... وطباعها التَّجعيد والإمساك
فكأنَّما وهمت بها واستدركت ... غلطًا فردَّ فواتها الإدراك
ولقد رجوت بأن تثنِّي فانثنت ... وسبيلها التَّوحيد والإشراك
فكأنَّها طيف تعرَّض معرضًا ... نصبت له بيد الكرى أشراك
ما شئت فاصنع يا زمان فإنَّما ... أفتاك فينا صرفك الفتَّاك
ثمّ أورد نثرًا، وعقبه بهذه الأبيات: [من الطويل]
وكم عزمة أمضيتها للقائكم ... فأًبح فيها للخطوب فلول
ومهري شوق سار بي نحو أرضكم ... كأنَّ أباه شدقم وجديل
إلى أن بدا للعين آرام رامة ... وهوَّم حاد واستراح دليل
/ 236 أ/ دنوت فحال الوحل بيني وبينكم ... وكيف احتيالي والوحول تحول
وقال أيضًا: [من الكامل]
إذهب شباط فقد أتى آذار ... وصفا العقار وسامح الخمَّار
ودعا لشاربها وأمَّن إذ دعا ... غبَّ الدُّعاء العود والمزمار
وبكى السَّحاب على الرِّياض فزخرفت ... لبكائها وتبسَّم النُّوار
وتضرجت وجنات وررد شقيقه ... واصفر من حذر القطاف بهار
وتلفَّعت تلك التِّلاع ملاءًة ... رقشت وشائع وشيها الأمطار
من أزرق في أصفر ومعصفر ... في أحم قان حكاه نضار
ومفضَّض في مذهب فكأنَّه ... صحف لها من عسجد أعشار
قد زمّكت باللاَّزورد ومسَّها ... الإبرنج والزَّنجفر والزِّنجار
نفحاتها دارَّية فكأنَّها ... سحق العبير لجوِّها عطَّار
وبنفسج بادي الحياء ونرجس ... وقح ونمام نمى وعرار
من دونها برك بها نيلوفر ... كرؤوس بطٍّ ما لهنَّ مطار