شاهدته بمدينة الموصل سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وهو شيخ كبير، وسألته عن ولادته، فذكر أنه ولد بواسط سنة سبع أو تسع وأربعين وخمسمائة، وبلغني أنه توفي بواسط سنة ست وعشرين وستمائة.
وكان ينتجع الناس بأشعاره، ويطوف البلاد، وكان من عوامّ الشعراء/ 235 أ/ قليل الآلة في صناعة القريض، ذا بضاعة في الأدب مزجاة، إلاَّ أنَّ له طبعًا يعينه في إنشاء الشعر لاغير.
وكان مع ذلك عنده دعاوى كثيرة، وافتخار بالنظم مفرط. قلت له يومًا في أثناء كلام، وقد جرى ذكر شعراء العراق ورقة طباعهم في الشعر، وسهولة ألفاظهم في المنظوم والمنثور –أتروي لأبي الغنائم بن المعلم والأبلة شيئًا من شعرهما؟ فالتفت إليّ كالمغضب الحاد المزاج وقال: من هما حتى أروي عنهما من أشعارهما، أنا أسحب ذيلي عليهما فضلاً ومزية.
وكان شيخًا شرسًا فيه حدّة مفرطة، ولم أر من الشعراء الذين ينتمون إلى هذا الشأن أعسر منه أخلاقًا، ولا أجفى في إنشاد الأشعار، له ولغيره، وربما كان يتبسط في بعض الأوقات، ويسلك سبيل المجون والمداعبة.
وكان قد أقام بمدينة إربل مدة، فقصد زيارته صدرها ووزيرها المفضال الصاحب شرف الدين أبو البركات المبارك بن أحمد المستوفي –كبت الله أعاديه- فلم يجده في منزله، فجاء أبو المظفر منزله، وأخبر بمجيء الصاحب/ 235 ب/ إلى زيارته، فحينئذ عزم على المصير إلى خدمته، فجاء الغيث متواليًا، وكثرت الوحول في