وأنشدني لنفسه يمدح بعض الرؤساء: [من الخفيف]
حكَّمته لحاظه في القلوب ... فحمته من كلِّ لحظٍ مريب
رشا كالهلال وجهًا وكالغصن ... قوامًا وردفه كالكثيب
بابليُّ الجفون في وجنتيه ... جنَّة القلب في دماء القلوب
أيُّها الهائم الَّذي ظلَّ في الحبِّ ضلالًا يلومني في الحبيب
أنا صبٌّ به كئيبٌ وكم في ... يده من فؤاد صبٍّ كئيب
ما احتيالي والخصم قاضٍ وعندي ... مرضٌ دلَّه عليَّ طبيبي
يا أخلَّاي هل مجيبٌ خليُّ البال من حرِّ لوعةٍ ووجيب
يستميل الحبيب أو يرجى لواش بنا أو يغضُّ لحظ الرقيب
/223 أ/ وغزال تراه في اللَّيل بدرًا ... في قضيب يسعى بشمس الغروب
كلَّما رمت سلوةً عنه وافى ... حسنه سافعًا بفنٍّ غريب
زارني والظَّلام داجٍ فأغنى ... عن سراجٍ بكأسه المقطوب
وسقاني إلى الصَّباح من الرَّاح ومن ريقه بكأس وكوب
حبَّذا ما مضى لنا من زمان الوصل واللَّهو بالحمى والكثيب
حيث غصن الشَّباب غضٌّ وريقٌ ... ناعمٌ لم تصبه عين المشيب
والصِّبا شافعٌ إلى كلِّ خودٍ ... كقضيب الأراك رؤد ٍكعوب
لو تراءت للشَّمس غابت وإن لم ... يدعها للمغيب وقت المغيب
تنفث السِّحر من جفون مراض ... فاتكات بكلِّ سهم مصيب
لم تذق خمرةً وتسطو بقدٍّ ... من حميَّا كأس النَّعيم شروب
فعلها بالعقول أفعال تاج ... الدِّين بالفقر والعدا والخطوب
الوزير الَّذي يحلُّ بنو القافة من ... ظلِّه بناد رحيب
يبسم الثَّغر من محيَّاه بالآمال ... والنُّجح في الزَّمان القطوب
كلَّما جاد جاد من فيض نعمى ... راحتيه فيض السَّحاب السّكوب
جلَّ من أن يحدَّ وصفًا فأضحى ... في الورى واحدًا بغير ضريب
/223 ب/ ينثني عطفه إذا سمع المدح ... وطيب الثَّناء مثل الطَّروب
وكأنَّ المديح إذ صار فيه ... نشر زهرٍ أو نشر مسكٍ وطيب