فمن رام الخلود بدار عدنٍ ... يشمِّر في تطلُّب ذاك ساقا
ويلزم نفسه سهر اللَّيالي ... ويكلف في العبادة ما أطاقا
فلا والله ما نال المعالي ... أخو دعةٍ يمدُّ له رواقا
وينشد مستظلاً في فناه ... (أيدري الربع أيَّ دم أراقا)
بلى والله من جدَّ اجتهاداً ... وسابق في رضا المولى سباقا
وحجَّ البيت عاماً بعد عامٍ ... وأعمل نحوه عنساً دفاقا
ول يركن إلى الدُّنيا غروراً ... وقطع من علائقها الرِّباقا
ولا يلوي على أهلٍ ومالٍ ... وحنَّ إلى فراقهما وتاقا
فطوراً يقطع البيداء شاماً ... وطوراً سالكاً فيها عراقا
وفارق زهرة الدُّنيا مطيعاً ... وأقبل نحو أخراه اشتياقا
وعانى من أليم الشَّوق وجداً ... وكابد من تلهُّبه احتراقا
ورافق من يرافقه برفقٍ ... ولا يشكو إلى أحدٍ رفاقا
جديرٌ أن يصير إلى سرورٍ ... يلذُّ به ويرتفق ارتفاقا
فيا طوبى لمن أصغى لو عظي ... وزايل غيَّه ثمَّ استفاقا
فأسأل من دحا الأرضين بسطاً ... وظلَّل فوقها سبعاً طباقا
ينضُّ سحائب البركات تترى ... على المختار تنبعق انبعاقا
وتشمل من تولَّاه بصدقٍ ... وجانب ما يخالفه وتاقا
ولست أمتُّ يا مولى الموالي ... إليك بغير من ركب البراقا
ومن جاء البعير إليه يشكو ... فنفَّس عنه من كربٍ خناقا
وحنَّ الجذع من شوقٍ إليه ... فأشبه في تحنُّنه النِّياقا
ونطق الذِّئب أعجب كلِّ شيء ... وقد لاقاه في القفر اتفاقا
وفجِّر من أنامله معين ... بمرأى الصَّحب يندفق اندفاقا
فأروى الجيش ماءً وستقلُّوا ... وقلُّوا منه .... فهاقا