كذاك الزَّاد أشبع منه خلقاً ... وقدجاءوا وما ذاقوا لماقا

كذاك البدر لمَّا أن دعاه ... أطاع الله وانعقَّ انعقاقا

وهذي آيةٌ كأخيه موسى ... سطا بالبحر فانفلق انفلاقا

وعند ولاده صارت رجوماً ... نجومٌ تمنع الجنَّ استراقا

ونيران المجوس خمدن لمَّا ... رأين لنور طلعته ائتلافا

ونهر الفرس غاض فاض يبساً ... وعاد قراره يبدو براقا

وأوثان البسيطة حين وافى ... رجعن لخوفه رتماً دقاقا

ولو أجريت في هذا عناني ... ثناني العجز يا أملي وعاقا

فخذ منِّي اليسير وكن عذيري ... وعد عمَّن حدا بهم وساقا

وصلِّ على النَّبيِّ وصاحبيه ... ولا تعبأ بمن ركب الشِّقاقا

وقال أيضاً يرثي الشيخ الموفق أبا محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الفقيه الحنبلي- رحمه الله تعالى- من قصيدة طويلة أولها: [من الرجز]

الحمد لله القديم الأوَّل ... ما أطَّ رحل مسافرٍ متحمِّل

يقرو إلى أمِّ القرى سنن القرى ... سنَّ القرى بتواضعٍ وتذلتل

هجر الأحبَّة باذلاً ما يحتوي ... من نفسه وخلاقه المتأثِّل

يرجو من الرَّحمان غفر ذنوبه ... في ما نواه وهو خير مؤمَّل

وأقول بعد لمن تكاثف همَّه ... سلِّ الهموم مبادراً أو تعجَّل

وتزوَّد الخيرات محتقباً لها ... فالخير أحمد زاد سارٍ مزمل

وتجاف عن رأي المفنِّد حارساً ... سبل المسامع عن ملام العذَّل

وإذا أراد الله رفعة عبده ... ألقى إليه طلاب أرفع منزل

فأطلب ولست بواجدٍ ما لم يكن ... سبق القضاء بما تروم فأمهل

وانظر لنفسك ليس غيرك ناظراً ... من غير جنسك في صلاحك فأعقل

وأقبل على جمع العلوم وقم بها ... عملاً يخيِّب سعي من لم يعمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015