نزل حلب، وسكن بعض مدارسها، متفقهًا وجاد خاطره بالشعر، وقال منه كثيرًا وسلك فيه مذهبًا حسناً في صناعته.
أنشدني منه جملة وافرة، ومما أنشدني قوله بحلب سنة أربعين وستمائة:
[من الكامل]
لو كان في جفنٌ يلمُّ به الكرى ... لرجوت أن ألقى الخيال إذا سرى
لكن قضى من لا أعرَّض خيفة الـ ... ــــــــــــواشي بذكر جماله أن اسهرا
رضاٌ يصول من الجفون بأبيض ... ويهزُّ من لدن المعاطف أسمرا
/185 أ/ نزلت باية حسنة سور الجوًى ... تتلى بألفاظ الغرام على الورى
لي فيه جفنٌ ما تألق بارقٌ ... للبين من مغناه إلَّا أمطرا
أضحى لمنصور الجمال يدٌ على ... سفَّاحة فلذلك يغدق جعفرا
لولا ...... ... يا عاذلي منَّي الطُّلول كما ترى
ولما أباح لي الولوع من الأسى ... في مذهب الوجد النَّصيب الأوفرا
وسفحت في سفح اللَّوى دمعًا متى ... حرقاً جرى ذكر العقيق له جرى
وإذا شككت فخذ حديث كابتي ... من عبرتي فحديثها لا يفترى
أغريب ذاك الحيَّ برح صبابتي ... بكم أنزَّه سرَّه أن ينشرا
أيضام قلب الصَّبَّ وهو نزيلكم ... ويصد عنه وشمية العرب القرى
أحبابنا حاشى حفاظ مودَّتي ... لكم بطول البعد أن يتغيَّرا
أحسنت ظنَّي في الهوى بجمالكم ... فسواء جرتم أو عدلتم لا أرى
وإلى سواكم لا شكوت صبابتي ... في الدَّهر طوَّل عاذلي أو قصَّرا
وأنشدني أيضًا لنفسه، من قصيدة يمدح بها الملك الصالح أحمد بن الملك الظاهر /185 ب/ غياث الدين غازي بن يوسف: [من الرجز]
لو صقت بوعده وعوده ... لما وفى بهجره وعيده
بدر دجًى فتَّر عن مؤشَّر ... شفاء داء صبَّه بروده