شاب أشقر قصير، من حفّاظ القرآن العزيز، زعم أنَّه درس صدراً من علم العربية وأتقنه. نزل حلب واستوطنها يسترزق من الوراقة والنسخ؛ وذكر أنَّه ولد سنة عشر وستمائة، ويقول الشعر.
أنشدني لنفسه بحلب، وكتبه لي بخطه في سنة أربعين وستمائة: [من الكامل]
عج بالكثيب المستهام وسر به ... متيمَّمًا نحو العقيق وسربه
وانشد فؤادًا ضلَّ فيه وقل لهم ... ليس المتيَّم آمنًا في سربه
واسفح بسفح الأبرقين وتربه ... سحب الدُّموع على تشتُّت تربه
183 ب/ فلعلَّه يقضي لبانة نفسه ... من قبل أن يقضي بلوعه حبَّه
يا مدنفًا عبث السَّقام بجسمه ... ومتيَّا لعب الغرام بلبَّه
وطوى السُّرور لبينهم يوم النَّوى ... طيَّ الأديب اللَّوذعيَّ لكتبه
خفَّض فديتك زفرةً أبديتها ... وتلاف جفنك من إساله غربه
كي لا يقال من الصبابة قد صبا ... وتضرَّمت حرق الجوى في خلبه
ومهفهف ملك القلوب بحسنه ... وسبى العقول بغنجه وبعجبه
لدن المعاطف كالقضيب إذا انثنى ... حلو المراشف والمقبل عذبه
سلس المقال من اللَّطافة سهلة ... عسر الوصال من القطيعة صعبه
يقري المعنَّى من سلوةً وتجهُّمًا ... ويظلُّ يعمل فكره في خلبه
أخدى السَّقام لجسمه ولطرفه ... فرط السُّهاد وصدَّه عن قربه
يا لائم الصَّبَّ الشَّجي بحبَّه ... أقصر بليت بدائه من عتبه
شتَّان بينكما تبيت منعَّمًا ... ويبيت ملتهب الحشا من كربه
وقال أيضًا: [من الطويل]
سلامٌ يباري المسك والمندل الرَّطبا ... ونشر نسيم الرَّوض عن ... هبَّا
عليكم يبثُّ الشَّوق منَّي إليكم ... ويمنحكم محض المودَّة والقربا
/184 أ/ تحية نائي الدَّار فالأهل ما قضى ... له وطراً لكن قضى نحبه نحبا