بأعظم منه سطوةً ومهابةً ... وأثبت جأشًا والكتائب تقلق

أمدَّ عليها صافيًا من ظلاله ... فأضحت به من نهجة تتألَّق

رأينا بها الولدان والحور رتَّعًا ... فقلنا يقينًا: جنَّة الخلًد جلِّق

تزوَّج منها بالسُّرور نفوسنا ... على أنَّنا منها الهموم نطلِّق

فكم راقنا مستنزهٌ في ظلالها ... وكم شاقنا قصرٌ مشيدٌ وجوسق

فلم أنس أنسي في ميادينها الَّتي ... لها نضرةٌ تحيي النُّفوس ورونق

يخيط بخيط المزن ثوب ربيعها الـ ... ـــنسيم وأكمام النَّبات تفتَّق

تراكض في أرجائها اللَّهو والصِّبا ... فجالت بها خيلٌ إلى الأنس سبَّق

فكم من غزال سانح في رياضها ... حكى أخته في حسنها حين يبرق

وكم لاح بدرٌ فوق غصن أراكة ... رشيق قوام بالعيون ممنطق

وكم كوثر يجري إلى جنب كوثر ... وكم أعين نضَّاخة تترقرق

لقد صبَّت الغدران عند مديرهًا ... فسلسل فيهًا ماؤها وهو مطلق

/171 ب/ جنان نعيم ليس يشقى نزيلها ... يحلى بها جيد المنى ويطوَّق

كلاها كمال الدِّين منه بعينه ... فمن جوده أمواهها تتدفَّق

فلا غرو إن رقَّت وراقت لأنَّها ... بأخلاقه الحسنى غدت تتخلَّق

ومنها:

يكاد ذكاء عند إعمال فكره ... متى شاء عمَّا في المغيَّب ينطق

له قلمٌ فيه المنَّية والمنى ... يجاور بحراً ماله ليس يورق

وأعجب منه أنَّني جار ظلِّه الـ ... ـــرَّحيب لراجيه ورزقي ضيِّق

ومنها:

أبثُّك حالي حال عمَّا عهدته ... وشكوى لها صمُّ الصَّفا يترقَّق

فقد مسَّني فقرٌ وحاشا أمرءاً غدا ... لجودك جاراً أن يرى وهو مملق

فعطفًا وإشفاقًا على ذي فضيلة ... ألست على أهل الفضائل تشفق

أعيذك أن أنسى بظلِّك ظاميًا ... وغيث ندى كفَّيك بالجود مغدق

وهذا قريضي يخجل الدُّر نظمه ... إلى حسنه الجوزاء ترنو وترمق

فخذ مدحة فاقت على كلِّ مدحة ... غدت وعليها من ضيائك رونق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015