سروا وظلام اللَّيل أرخى سدوله ... فقلت لها صبًا غريبًا متيَّيما
أحاطب به الأشواق شوقًا وأرصدت ... له راشقات النَّبل أيًّان يمَّما
فأبدت ثناياها وأومض بارق ... ولم أدر من شقَّ الحنادس منهما
وقالت أما يكفيه أنِّي بقلبه ... يشاهدني في كلِّ وقتٍ أما أما
/144 أ/ وأنشدني أيضًا لنفسه: [من الطويل]
وزاحمني عند استلامي أوانس ... أتين إلى التطواف معتجرات
حسرن عني أنوار الشُّموس وقلن لي: ... تورَّع فموت النَّفس في اللَّحظات
فكم قد قتلنا بالمحصب من منى .... نفوسًا أبيّات لدى الجمرات
وفي سرحة الوادي وأعلام رامة ... وجمع وعند النفر من عرفات
ألم تر أن الحسن يسلب من له ... عفاف فيدعى سالب الحسنات
فموعدنا بعد الطواف بزمزم ... لدى القبة الوسطى لدى الصَّخرات
هنالك من قد شفَّه الوجد يشتفي ... بما شاءه من نسوة عطرات
إذا خفن أسدلن الشُّعور فهنَّ من ... غدائرها في ألحف الظُّلمات
وأخبرني إبن العربي، قال: أنشدني بعض الفقراء، بيتًا مفردًا، لا يعرف أخًا، وهو:
[من الكامل]
كلُّ الَّذي يرجو نوالك أمطروا ... ما كان برقك خلَّبًا إلاَّ معي
فأعجبني مغزاه، وقفوت معناه، فعملت أبياتًا، جعلته واحدًا منها:
[من الكامل]
قف بالطُّلول الدَّارسات بلعلع ... واندب أحبَّتنا بذاك البلقع
/144 ب/ قف بالدِّيار ونادها متعجبًا ... منها بحسن تلطّف بتفجُّع
عهدي بمثلي عند بانك قاطفًا ... ثمر القدود وود روض أينع
كلُّ الَّذي يرجو نوالك أمطروا ... ما كان برقك خلَّبًا إلاَّ معي
قالت: نعم! قد كان ذاك المتلقى ... في ظلِّ أفناني بأخصب موضع