[785]
محمد بن يونس بن أبي البركات /108 ب/ بن إبراهيم بن أبي القاسم، أبو عبد الله الموصلي.
عنده طرف صالح من علم العربية، ويحفظ صدراً جيداً من الشعر الحسن، ويشعر. أقام بإربل مدة، يمدح أهلها ويرتزقهم، فسئموه لكثرة إلحاحه وسؤاله إياهم.
وكان شاباً أسمر اللون، مقرون الحاجبين، رقيق الحال، مجازفاً صعلوكاً، وسخ الثياب، زري الهيأة، لا دين له، كثير الهذيان؛ وأكثر ما كان يحصل له من نفقة يخرجه على الصبيان. لقبه أهل إربل خمارويه، فبسط لسانه فيهم، وتناول بالتقطع أعراضهم؛ فبغضوه بغضاً شديداً، وكانت سيرته معهم سيرة غير جميلة.
أنشدني لنفسه، يمدح الصاحب شرف الدين أبا البركات المستوفي – أيده الله – ويذكر إنعامه عليه، بكسوة: [من الطويل]
ألا أيهذا الصَّاحب المنعم الذي ... تجمَّع فيه الفضل وهو مفرَّق
لقد نلت من عزِّ المعالي مكانةً ... تسامت فأدنى شلوها ليس يلحق
وأحييت ميت الجود بعد مماته ... وكسنه لحدٌ من الحزن ضيق
فها هو باق ما بقيت وإنه ... لحيٌّ على مرِّ الأهلَّة يرزق
علاً .... لقد غدا ... كأن لم يكن منٌّ [من] الدهر يخلق
/109 أ/ وعطَّرت نشراً كل طيب يحدُّه ... ويحصره غربٌ فسيحٌ ومشرق
فما الظن بالرَّوض الأنيق مباكراً ... بقطر غ مامات وبالمسك يسحق
وحل حلولاً في عروقك كلِّها ... دمٌ وندىً فيه الرَّجاء مصدِّق
وإجماع من ضمَّ الوجود ومن حوى ... بأن الندى من ذلك الدم أسبق
متى أمَّه القوم العفاة فعيشه ... على أرض آمال لهم تتدفَّق
أمولاي .... أوليتني من مضيعة ... بأطواقها جيدي المبين مطوَّق
ومن بعضها هذا الذي أنا لابسٌ ... أينكر ضوء الصُّ بح والصُّبح مشرق!
الا إنه ثوبٌ .... وجوده ... عليَّ بما شرَّفتني منك ينطق
تطرِّز طرزاً من علاك جميلةً ... لمنظرها الأوفى بهاءٌ ورونق