وثلاث وعشرين وستمائة، بمدينة السلام، في أيام الظاهر بأمر الله أبي نصر محمد- رضي الله عنه- يعظ الناس بباب البدرية، ولم يقدَّر لي الاجتماع به، لأعلق عنه من شعره.
ثم بعد ذلك انحدرت إلى بغداد في سنة تسع وثلاثين وستمائة، ولقيته بها؛ فاستنشدته فأنشدني أواخر ربيع الآخر من السنة السابق ذكرها، يمدح الإمام الظاهر بأمر الله أمير المؤمنين- صوات الله عليه-: [من السريع]
خليفة الله أبو نصر ... مؤيّدٌ بالعزِّ والنَّصر
من صفوة الله بني هاشم ... الطَّيِّبين الأصل والذِّكر
أصبح وجه الدَّهر مستبشرًا ... بوجهك المستحسن البشر
وظلَّت الشمسة شمس الضُّحى ... فيه وأبدت طلعة البدر
ومنها قوله:
وهو عليه بردة المصطفى ... وتاجه نور أبي بكر
/ 242 أ/ ورحت من طيب مناجاته ... أهزُّ عطفيَّ من الشُّكر
وظلت في ظلِّ بساتينه ... أخطر في روضاته الخضر
كأنَّني أخطر في جنَّة ... أنهارها من تحتها تجري
لكلِّ شيء ثمرٌ يجتنى ... منه وهذا ثمر الصَّبر
هذا كتابه دائما ... ندعو له في جامع القصر
فانبسط السُّنِّيُّ في عصره ... وغيره في القبض والعصر
إنَّ أمير المؤمنين اشترى ... حسن ثناء الخلق بالتِّبر
ففاز بالرِّبح وحاز العلا ... من ذا الَّذي يبتاع بالسِّعر
وأرخص البرَّ بإنعامه الـ ... ـهامي وهذا غاية البرِّ
لم أر أبهى قطُّ من وجهه ... كأنَّه يوسف في مصر
أنتم بني العباس ساداتنا ... نطيعكم في السِّرِّ والجهر
طاعتكم بالنصِّ مفروضةُّ وأنتم حقًا أولو الأمر