يا أيُّها الملك السَّامي ومن شهدت ... له الخلائق حتَّى الطَّير والسَّمك
فقال للفقيه: ما كنت أعرف/ 237 أ/ أنَّ الملك القاهرة صيَّاد إلَّا الساعة.
قدم من بغداد إلى الموصل، فأقام متفقًا بالمدرسة العمادية، وكان مدرسها يومئذ للشافعية؛ أبو المظفر محمد بن علوان بن مهاجر الموصلي. فمكث عنده، وكان يختلف إلى أبي حفص عمر بن أحمد النحوي الضرير، فيسمع عليه شيئًا من شعر أبي الطيب المتنبي، فبغته أبو المظفر، فقطع جرايته من المدرسة، فأطنب في هجائه، وهجا بنيه، وشتر بهم أبلغ التشتير، وتركهم ضحكة بين الناس؛ فبلغ من مكروه ودهائه، أنَّه لم يسمع هجاءهم إلَّا لمن كان مفرطًا في بغضهم، ومخالفًا لهم في مذهبهم. فإنَّه أسمعه الجلال أبا جعفر محمد بن إبراهيم الحنفي الرازي، ونقيب العلويين.
وبحثت عن سبب قطع خبزه، فلم أعرف في ذلك شيئًا، ثم أخبرت أنَّ السبب في ذلك، أنه كان يشيع ما يعرض للشيخ أبي المظفر بن مهاجر من اللحن.
والشيخ- رحمه الله- كان قد فطره الله على اللحن، وترك علم الإعراب، وله في ذلك أخبار عجيبة ولبنية.
أخبرني الإمام أبو عبد الله أحمد بن الحسين النحوي، قال: أخبرني شيخي أبو حفص النحوي، قال: لما: 237 ب/ قدم الشيخ أبو المظفر من مكة، مضيت لأهنئه بالقدوم؛ فحدثني ابنه أحمد الذي كان معه، أنه رأى مغربيًا بمكّة، مجاورًا يحفظ سيبويه هكذا لفظ به، ابن الشيخ، ولم أر أحدًا من العامة يقول إلّا سيبويه. فالعجب من عالم تقصر فطرته عن عامي.
وجمع هجاءهم في جزء، ووسمه ((برياضة الخاطر في هجاء ابن مهاجر))، وفيه هجاء مقذع، وكلام قبيح، وقول فاحش بذيء لا يليق سطره في هذا الكتاب، ولو وجدت له غير ذلك لأثبته.