ويتلف جسمي بهجرانه ... وإتلاف روحي فيه قليل
تصبَّرت حتى فداني العدوُّ ... على جوره ورثى لي العذول
أميل إليه وإن ملَّني ... كذلك كلُّ محبٍّ يميل
تملَّك رقِّي فماذا يريد ... وقد حرت فيه فماذا أقول
لساني كليلٌ إذا ما وصفت ... وطرفي إذا ما رآه كليل
ونفسٌ تمكّن منها الهوى ... وجسم تمكن منه النحول
فلم يبقى من تيك إلَّا المنى ... ولم يبق من ذاك إلَّا الاليل
وقال من أبيات: [من الكامل]
دعني أمتِّع [منك] نفسي بالهوى ... ما بعد هذا الحسن حسنٌ يعشق
أرَّقتني لمّا هجرت وشقتني ... وكذاك هجرك شائقٌ ومؤرِّق
وتركتني حلف الصَّبابة مقلةٌ ... عبرى عليك ومهجةٌ تتحرَّق
/ 236 ب/ ولقد فرقت من التَّفرق قبل أن ... يلفى ومن مثل التَّفرُّق يفرق
وشفقت من نظري عليك وربما ... كان الغنى ما كنت منه أشفق
قمرٌ له في كلِّ قلب مغربٌ ... من ناظريه وكلِّ عين مشرق
غرقت عقول الناس فيه دائمًا ... في مثل صورته تضلُّ وتغرق
وتجاوزت وصف اللَّبيب صفاته ... فلديه كلُّ أخي اجتهاد مطرق
أهوى الهوى وأذب عنه لأنَّه ... أبدًا إلى طرق العلا يتطرَّق
ويروق لي عذل العذول لأنَّه ... أغرى ليقظان الصَّبابة أشوق
ويزيد رغبتي الملام كأنَّما ... لفظ الملام على الترغُّب يطلق
[710]
محمَّد بن قيصر بن بلك، أبو عبد الله البغداديُّ.
كان شاعرًا فاضلًا، ذكيًا، ماجنًا، منتقدًا للشعر؛ سمع ذات يوم فقيهًا قد صنع قصيدة في الملك القاهر عزّ الدين، وهو ينشدها، فمرّ فيها على قوله: [من البسيط]