وخرج إلى بلاد الروم فسكنها مدّة، ثم رحل عنها إلى الشام. أصله من/ 234 ب/ أصفهان، وإنَّما نزل بعض أجداده القبيصة وتديَّرها، فنسب إليها.

وكانت ولادته في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، هاجر إلى حلب بأخرةٍ. وأقام بها مدّة، وتصدّر لإفادة علم النحو والعربية والأدب، إلا أن مات سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ودفن من قبيلها بجوار مقام إبراهيم- عليه السلام-.

وصنّف ثلاث مقدمات؛ مقدمة في النحو، ومقدمة في التصريف، ومقدمة في الحساب.

كان شخصًا قصيرًا، ضعيف العينين، وكان يقول شعرًا صالحًا؛ رأيته عدّة مرات ولم آخذ عنه شيئًا.

أنشدني أبو بكر بن محمد بن أمريكا الزنجانيّ، قال: أنشدني ابن القبيصيّ لنفسه، في غلام قصّاب: [من الوافر]

وأهيف قدُّه قدُّ العوالي ... ولكن خدُّه خدُّ العوالي

بمديته ومقلته تصدَّى ... لسفك دم المواشي والرِّجال

تراه قاطمًا ماظلَّ يفري ... به الأودأج خلوًا لا يبالي

فلو ردَّت وقد نهلت رضابًا ... كشهد شيب بالماء الزُّلال

إلى أعناقها من غير ذبح ... لكلِّ قام يسعى غير آل

وأنشدني، قال: أنشدني أيضًا من شعره: [من الوافر]

/ 235 أ/ وريمٍ قد سقيت الرَّاح حتَّى ... أمال برأسه فرط العقار

فأقسم أنَّه لابدَّ من أن ... يريني الشَّيب في وسط النَّهار

فلمَّا أن تبسَّم قلت هذي ... نجومٌ في النَّهار بلا تماري

لقد برَّت يمينك يا حبيبي ... بما أبديت من تلك الدَّاري

وأنشدني أبو الفتح محمد بن بدل التبريزي- رحمه الله- قال: أنشدني ابن القبيصي لنفسه: [من البسيط]

ما لذَّة الدَّهر إلَّا الرَّاح نشربها ... أو الفم العذب مضروبًا به الضَّرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015