إذا ما جلت يمناي كأس مدامةٍ ... عليه تلوَّى صدغه في شمالينا

تجاسرت لمَّا ذقت درياق ريقه ... على خشن الشَّعر المبلل حاويا

وأنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن النصيبي بحلب؛ أنشدني أبو نصر محمد بن إبراهيم لنفسه: [من البسيط]

بشرى لجلِّق بل بشرى لأهليها ... ففي نعيمٍ مقيمٍ من ثوى فيها

جنَّات عدن بها قد أزلفت ودنت ... قطوفها من مجانيها تجانيها

ترى بها السَّبعة الأنهار جاريةً ... جرى الشَّعانين في بطحاء واديها

فللخدود حياءٌ من شقائقها ... وللثغور ابتسامٌ عن أقاحيها

إذا تثنَّت بها البانات مائسةً ... حكت قدود الغواني في تثنِّيها

/170 ب/ يصفِّق الماء والأغصان راقصةٌ ... على غناء القماري في أعاليها

حيث التفتَّ فأنهار مسلسلةٌ ... تنساب في ظلِّ أشجار تواريها

وكم بدور على الأغصان طالعة ... هزَّ الصِّبا لا الصَّبا أعطافها تيها

أرضٌ بها الحور والولدان حائرةٌ ... فيهنَّ أفكارنا وصفًا وتشبيها

من كلِّ أحور كاد البدر يشبهه ... وكلِّ حوراء كاد الظَّبي يحكيها

تبدي ثعابين أصداغٍ مبلبلةٍ ... على سوالفها طوبى لحاويها

فما ترى غير ملدوغ الحشا دنف ... شفاؤه رشفه الدِّرياق من فيها

واحسرتاه على ما فات من عمري ... إذ لم أقضِّ زماني كلَّه فيها

وقال أيضًا: [من البسيط]

امزج كؤوسك بالسَّلسال من فيكا ... وعاطني الرَّاح تسقيني وأسقيكا

قم فاجل يا قمري شمس المدام فيا ... طوبى لمن بات يجلوها ويجلوكا

يا شادنًا صار ستري في محبَّته ... بين البريَّة بعد الصَّون مهتوكا

ما قلت: إنَّك تحكي الظَّبي ملتفتًا ... بالجيد واللَّحظ لكن قلت: يحكيكا

أغار بدر الدُّجى حسنًا سناك كما ... أغار غصن النَّقا لينًا تثنيَّكا

قد فاز من بات يا ريحان عارضه ... باللَّثم بين كؤوس الرَّاح يجنيكا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015