وسبعين من أقراص خبزٍ أتى بها ... أبو طلحة أشبعتهم مرَّةً أخرى
منحت أباهر من التمر مزودًا ... فما زال ممتارًا مميرًا به دهرا
وجهَّزت جيش الشَّام منه فقد غدوا ... وما منهم إلَّا ومنه احتوى وفرا
وخمسين وسقًا منه قد جاد منعمًا ... بها في سبيل الله نغتنم الأجرا
ثلاثة أعواد منحت ثلاثةً ... فعادت سيوفًا في أكفِّهم تترى
فمنهنَّ في بدر قضيب ابن أسلم ... وعودٌ به أيضًا عكاشة منه قد سرَّا
/ 164 أ/ وفي أحد أيضًا ابن جحش عبيسةً ... غدا مرهفًا من حدِّة يحلق الشَّعرا
وعين ابن نعمان وعين رفاعة ... رددتهما من بعد أن بانتا ندرا
وكم هاتف أضحى بفضلك صادحًا ... تؤلِّفه نثرًا وتنظمه شعرا
وأقبلت الأشجار لمَّا دعوتها ... يشقُّ لها السُّوق السُّهولة والوعرا
ولمَّا دعوت العذق من رأس نخلة ... أتاك فقلت ارجع فما خالف الأمرا
وحنَّ إليك الجذع شوقًا وسلَّمتً ... عليك جهازًا ظبيةٌ لم ترم نفرا
كما الحجر القاسي ابتداك مسلِّمًا ... عليك ومشتاقًا كأنَّ به حجر
بكفِّك بحر الجود قد سبَّح الحصا ... وقبَّل رجليك البعير لها شكرا
وخلَّصت يوم الغار طرف ابن مالك ... فغرَّ لذاك المشركين وما أغرى
وخافت عليك العنكبوت من العدًا ... فأرخت بباب الغار مكرًا بهم سترا
ووافقها في الذَّب عنك حمائمٌ ... أتين سريعًا فابتنين به وكرا
فما أتى الكفَّار طور خديعة ... فحيَّا الحيا تلك الخديعة والمكرا
ويوم حنين إذ أتوك بجمعهم ... يجرُّون من أبطالهم عسكرًا مجرا
وراموا بلوغ الثأر منك رميتهم ... بكفِّ تراب فانثنى جرهم كرَّا
وعجفاء لا نقيٌ بها قد مسحتها ... فدرَّت ولم يعرف لها ربُّها درَّا
/ 164 ب/ لك الضَّبُّ أمسى بالرِّسالة شاهدًا ... كما الذِّئب أضحى باليمين به برَّا
كما شهد الكفَّار حقًا وشاهدوا ... ملائكةً للنصر إذ حضروا بدرا
ولمَّا أتى للبرد والحرِّ شاكيًا ... إليك عليٌّ وقِّي البرد والحرَّا