أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- على الموفق أبي محمد عبد الله بن أحمد المقدسي؛ واتصل بالملك الصالح أبي الفداء إسماعيل بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب، وكتب له الإنشاء.

وهو كاتب حسن، شاعر جيد المنظوم، طاهر اللسان، نظم شعرًا كثيرًا، وكان في بدو أمره معلم صبيان، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة طويلة.

أنشدني محمد بن سعد لنفسه من قصيدة: [من الطويل]

أجارتنا إنِّي عليك غيور ... وإنِّي على نيل الوصال قدير

ولكنَّني أرعى ذمامًا وحرمةً ... واصبر كرهًا والمحبُّ صبور

وأنشدني أيضًا بظاهر مدينة دمشق، بالسهم الأعلى على شاطئ نهر في يوم الأربعاء الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وستمائة لنفسه يمدح النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر مناقبه ومعجزاته عليه الصلاة والسلام: [من الطويل]

تذكَّر مشتاقٌ وأنَّى له الذِّكرى ... ولم يستطع للجد صرفًا ولا أمرا

/ 161 أ/ أخو لوعةٍ ما فارق الشَّوق قلبه ... ولا واصل السُّلوان يومًا ولا الصَّبرا

كبيت غدا للهمِّ والحزن آلفًا ... وما أنكر الأحزان من عرف الدَّهرا

إذا نهنه الطَّرف القريح عن البكا ... جرى مستهلًا لا بكيًا ولا نزرا

وإن رام كتمان الصَّبابة عبَّرت ... عن الوجد والأشواق أجفانه العبرى

كأنَّ عليه الدَّمع ضربة لازب ... إذا شام برقًا أو رأى منزلًا قفرا

تخال به ممَّا جنى الوجد جنَّةً ... وتحسب من مبدا الغرام به سكرا

يروم بلوغ الوصل من أهل رامة ... ولم ينو أهل النيربين له هجرا

ويهوى مقرًا بالعقيق وداره ... على طيِّها بالسَّهم بالقرب من مقرا

محلٌّ إذا أقسمت أن ليس مثله ... على الأرض حسنًا كنت في القسم البرَّا

إذا ذكرت جنات عدن وطيبها ... وكن به حلًا حسبت له الذِّكرى

تنافس فيه الحسن مرأى ومنظرًا ... ولم تبلغ الأخبار عن طيبه الخبرا

لسكَّانه ما في الجنان سوى البقا ... فطوبى لمن أفنى مطيعًا به العمرا

منى الدِّين والدُّنيأ ميسَّرةٌ به ... فباليسر يحظى معتفيهم وباليسرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015