فمن كان بالبيض القواضب ضاربًا ... فلابدّ أن يرقى من العزّ سلّما

وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه في الغزل من قصيدة أوّلها: ] من الطويل [

سقى الله أيام الصّبا ما يسرّها ... وشرخ شبابي عند غيرك شافع

وحيّا ليال قد تقضّت بقربكم ... وروّى ثري تلك الربوع المدامع

وإني لمشتاق إلي حسن وجهها ... ويمنعني عنها أسود موانع

عسى الدهر أن يقضي بطيف خيالها ... ومن لي بأيّام مضين رواجع

وعمري بها حتّي الممات مذلّة ... قياليت شعري ما الّذي أنا صانع

وهاتفة بالبان وتشجي بنوحها ... فما هجعت شوقًا ولا أنا هاجع

فلله ما هاج الهوى من هديلها ... ولله ما تحنو عليه الأضالع

فسرّي بمن أحببته لا أذيعه ... فلا يطمعن في ذاك ما عشت طامع

وقلت وقد أبديت وجدًا وحسرًة ... وقد غيّبت عني بدور طوالع:

سلوا مضجعي عنّي وعنها فإننا .. رضينا بما تخبرن عنّا المضاجع

وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه في الرجز: ] من الرجز [

يا من يساميني ويذكر أسمي ... فإنّي من قوم كراِم شمّ

بحار علم وجبال حلم ... فمن كلّ ذي بأس شجاع شهم

يذب عن هام العلا ويحمي ... فيسعى إلى الغنم بها بالغرم

في رتبة فوق السّها والنجم ... فبلغتها قبل بلوغ حلمي

أنبيك عن معرفتي وفهمي ... فإنّ علوم ذا الورى من علمي

وحزمهم قلامة من حزمي ... قولي لسان قوله كالسّهم

ينفذ بالصخر الصّلاب بالصّمّ ... فولي يد مثل السّحاب تهمي

على العفاة بالنوال تهمي ... فينتعش العافي بها وينمي

يسبح من عظائها في يمّ ... فولي حسان مشرع في الجسم

يكلم قبل ضربه ويدمي ... فطوبى لمن حاول يومًا سلمي

رب حسود لي ولا أسمّي ... فيهرب من سهمي حين أرمي

أغفل عنه عفلة الأصمّ ... ولا يمر قلبه بوهمي

لو حلّ من خوفي محل العصم ... فإذا سمت في شاهق أشمّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015