إذا أمَّه رأجٍ رأى البرَّ رابحًا ... وبشَّره قبل النَّدى بارق البشر
عليه يمين لا ونى بيمينه ... ويسراه عن لاتٍ تسرُّ وعن يسر
[645]
محمد بن أبي الحسن بن يمن بن عليِّ بن أحمد بن محمد بن عثمان بن عبد الحميد الأنصاريّ.
هكذا أملى عليّ هذا النسب والده، وذكر لي أنَّ أصلهم من مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وأنَّهم من أولاد سهل بن حنيف الأنصاري.
يكنى أبا عبد الله، ويعرف بابن الأردخل، والأردخل هو البناء عند أهل الموصل.
خرج عن الموصل سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقدم ميافارقين، واتصل بخدمة الملك المظفر شهاب الدين غازي بن الملك العادل سيف الدين ابي بكر صاحبها، وصار أحد ندمائه، وملازمي حضرته وشعرائه؛ ولم يزل مغتبطًا في جملته، معدودًا عنده من خاصته، إلى أن توفي في تاسع شوال سنة ثماني وعشرين وستمائة بميافارقين، وكان عمره يومئذ إحدى وخمسين سنة.
وهو شاعر حاذق ذو نظر في الكلام، خارق متقن لألفاظه ومعانيه، لا يماثله أحد في قوله ولا يدانيه؛ أشعر أبناء زمانه على الإطلاق، وأحسنهم طريقة في الشعر بالاتفاق.
وكان جسورًا على الهجاء، مقدامًا ذا عصبية لأصدقائه ومعارفه، وكان من قوة القلب والإقدام على المهاترات والمخاصمات ما لا مزيد عن ذلك، وربما عجز عنه غيره من أشد الناس.