والذي خصّه الله بالحوض والشفاعة، وأخبر بما كان وما يكون إلى قيام الساعة. وهذا الحوض هو نهر الكوثر المفعم الملآن، الَّّذي ساحته من بصرى إلى عمان أو من صنعاء إلى عمَّان، وماءه أشدّ بياضًا من الثلج، وأحلى من العسل في المذاق، وأباريقه على عدد نجوم السماء ذوات الإشراق.

والذي زوى الله له الأرض فأراه مشارقها ومغاربها، وأعطاه كنوزها ومطالبها وأخبر –جلّ وعلا- أنَّ ملك أمته سيبلغ ما زوى لهم منا، ولقي ربه جلّت قدرته وهو معرض إعراض الزاهدين عنها، وقبص –صلى الله عليه وسلم- بعد أن خيّره الله في الدنيا؛ فاختار لقاء ربه، لرغبته فيما بين يديه وحبِّه. فجمع الله له بين ملك الدارين الدنيا والآخرة، واسبغ عليه جزيل النعمتين الباطنة والظاهرة. وكسر بدعوته /166 أ/ شوكة الأكاسرة، وجبر الدين وقصم ظهور الجبارة، فغشت دعوته في المشارق والمغارب كما وعد وشاعت، وأخبر عن الله –عز وجل- أنَّه يستخلف في أرضه من يؤمن به. فكان ذلك كذلك.

وهذه معجزة راعت، فاستخلف الله أصحابه وأهل بيته من بعده، فسمعت الأمة لهم وأطاعت. فكانوا خلفاء الخلق، وفتحت الغرب والشرق؛ يقاتلون عبدة الأوثان والنيران عزلاً. وطارت قلوب الملوك رعبًا منهم، وطاشت وخفقت أفئدتهم خوفًا من ذكر محمد –صلى الله عليه وسلم- وجاشت وتمنّت أنّها إلى زمنه ما عاشت. فبهذا النبي أفاخر من يفخر، وأكابر من تقدّم وتأخر؛ صلى الله عليه عدد الرمل ومدد النمل، وعلى أهل بيته الكريم، الجدراء بالتقديم والتعظيم:

إلى دهمى عظيم الهند، وركن .... السند، شرح الله صدره للإسلام، وجعله ممن دعى إلى دار السلام، واتبع سبيل المؤمنين، وقال: {وجهت وجهي للّذي فطر السموات والأرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015