حنيفًا وما أنا من المشركين}.

/166 ب/ أما بعد: فأنّه وصل كتابك حاكيًا عرائس خصائصك علينا، وجالبًا نفائس خصائلك إلينا، ففضضنا عن الجواهر منه ختامًا، وأمطنا عن الأزاهر منه كمامًا، واستجلينا من معاينه ما لو كانت خدودًا لكانت مضرَّجة، أو ثغورًا لكانت مفلَّجة، واستدللنا بفحوى خطابه على ما تضمره لنا من مودَّة لا كذب فيها، ومحبَّة نيطت بعرى الصدق أواخيها؛ فأمَّا ما صدرته في كتابك من تعظيم ملكك، ونفيس ذخائرك، وطيب رائحة قصرك وفخرك وفخر آبائك. فإنَّك فخرت بأعراض الجواهر الفانية القليلة البقاء، وزخارف الدنيا التي لا يحصل الواثق منها على غير النصب والشقاء. ومالكها وإن عظم دوامه سحابة صيف، ومالكها وان طال مقامه فعجالة ضيف؛ فإنَّا لا نفاخرك بأمثاله مما ملكناه من سهل الأرض وجبالها، واحتوت عليه خزائننا مما أخذناه بسيوفنا من ذخائر الملوك وأموالها. وإنَّما الفخر بتقوى الله وطاعته، والإيمان بهذا النبي الأمي، خاتم الأنبياء، وأفضل من مشى تحت /167 أ/ السماء، والتزم شريعته والعدل في الرعية، والحكم بالسوية؛ بين القوي والضعيف، والشريف والمشروف. وذلك التزام شيعة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والعمل بمقتضاها، وأن يتقي كتابًا عند الله {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها}، فكيف كفيت عن البصيرة إذ سطع نور البرهان، جنحت على ما أوتيت من فطنة ذكية، وفطرة زكية إلى عبادة الأوثان، واتخذت الندّ المصنوع لصانع الموضوعات ندّاً، ولم تر لك منه تقليدّا لمن سلف من الآباء بدّا، وأنا أدعوك دعاء المشفق الناصح، إلى سلوك السنن الواضح، وخلع الأنداد، ومفارقة ديانة الأنداد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015