ملأوا الفلاة مجدَّلين تنوشهم ... عصب الوحوش وكلُّ نسر قشعم

فمياهها قد عافها متطهِّراً ... وترابها ما حلَّ للمتيمِّم

وقد استقام الدِّين في أقطارها ... شرقاً وغرباً والعدوُّ بمرغم

فالحمد لله المفيض عليهم ... بإمام أهل الحقِّ أسبغ أنعم

فشبابهم في غبطة ونساؤهم ... في حوطة وشيوخهم لم تهرم

نزلوا المنى لمَّا انجلت عن أرضهم ... ظلم الجهالة من زنيم مجرم

/ 272 أ/ واستوضحوا نور الهدى وتيمّوا ... بالدولة الغرَّاء في ......

عمَّ البسيطة عدله فيكاد أن ... تلقى الذِّئاب مع الظِّباء بمجثم

لا زال سحب نوالهم تهمي على ... أهل الولاء بكلِّ نوء مثجم

وسيوفه تمسي رقاب عداته ... أجفانها يوم الوطيس الملحم

ورماحه في صدر كلِّ معاند ... أمضى وأنفذ من قضاء مبرم

يا ابن الأئمَّة من قريش أنتم ... خير البرايا والحمى لمتمِّم

قطب الدِّيانة والأمانة فيكم ... إرثٌ لكم من أكرمٍ عن أكرم

صلَّى على تلك العناصر ربَّكم ... وكساكم ثوب الفخار الأعظم

وأدامكم للمسلمين موطِّدي ... أديانهم بمثقَّف وبمخذم

وحباكم العمر الطَّويل تمتُّعاً ... وأمدَّكم نصراً بكلِّ مسوَّم

والدِّين والإسلام لمَّا استمسكا ... منكم بعرورة عصمة لم تفصم

فعلى مواقفكم أتمُّ تحيَّةٍ ... ما دام بيت الله قبلة مسلم

[449]

عليُّ بن محمد بن حامدٍ، أبو الحسن البغداديُّ.

سافر عن مدينة السلام، ونزل آمد في أيام / 272 ب/ الملك الصالح أبي الفتح محمود بن محمد مليكها؛ فلولّاه بها القضاء إلى أن مات بها وهو قاضٍ ولم يبلغ الأربعين؛ وكان قد أخذ من كلّ علم طرفاً حسناً.

أنشدني له أبو الفضل عمر بن علي بن هبيرة، حين خرج عن وطنه، وفارق أهله وبنتاً له صغيرة، وجلس على دجلة، وتذكر من فارقه، فأنشد لنفسه: [من السريع]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015