أعهد الهوى إنِّ لذكراك واصل ... وطيب الكرى إني لمسراك راقب
/220 أ/ وعهد التَّداني هل إلى أربع الحمى ... معادٌ وهل تقضي بهن المآرب
فمنذ سرى الرَّكب العراقيُّ لم تزل ... تسامر قلبي بالبكاء النَّواعب
ومذ حبس الحادي المطيَّ علي النَّقا ... وحنَّت إلى الوجد القلاص النَّجائب
أراق دمي للبين دمعٌ أراقه ... غداة التقينا للوداع الحبائب
وأصمي فؤادي سهم لحظ رمت به ... وقد ودَّعتني بالسَّلام الحواجب
بنفسي فتاةٌ أيقظ الصُّبح طرفها ... وقد ذعرتها بالرُّغاء الرَّكائب
رنت فرنا الرِّيم الحجازيُّ كلُّه ... وهبَّت لريَّاها الصَّبا والجنائب
وماست فماس البان زهواً وغرَّدت ... بشجوٍ فغنَّها الحمام المجاوب
وسائلت الأتراب ولهى وردَّدت ... تنفُّسها حتي اهتززن التَّرائب
وقالت وقد هاج الهوي ما تجُّنه ... وقد رمقتها بالملام العواتب
أذاك الفتى المرِّيّ هل غض شمله ... واعفسه شط المزار الثَّوائب
فقلن لها بل قوَّض البين دمعه ... وسرن به تلو الرُّكاب الحقائب
وأقفر منه الواديان وأوحشت ... لمسراه من بطن العقيق الجوانب
فأقطر منها الطَّرف دمعاً كأنَّه ... لآليء فضَّتها الأكفّ الخواضب
/220 ب/ وكلل منها المقلتين فحدَّقت ... كما أحدقت بالفر قدين الكواكب
.. فرط التَّأسُّف والأسى ... وورَّد خدَّيها الحياء المغالب
عليُّ بن إدريس بن مقلّد بن شبل بن حريزٍ، أبو الحسن الحمصي، الكاتب بحماة.
من الشعراء المكثرين في زماننا، طويل الباع في النظم، رزقه الله قريحة صافية، ومنحه من علم اللغة حصة وافية.
وهو شاعر مسهب، يتأتى له الكلام من كلّ مذهب، يمدح الملوك والكبار، بمطولات القصائد والأشعار.
ثم إنَّه إذا مدح أحداً نشر فيه ألف بيت، وربما بلغ نظمه خمسين ألف بيت، على