من أهل الديار المصرية.
كان والده فقيهًا مالكيًا، إمامًا في الفقه والأصول؛ له حلقة يختلف إليه جماعة من المستفيدين، يقرأون عليه العلم.
وكان ابنه هذا رجلًا نبيهًا جليلًا، ذا فضائل وافرة، وبلاغة متظاهرة، ومكان جيد من صناعتي النظم والنثر؛ وله اليد الطولى في فن الأدب، مع أخذه بحظٍّ من مذهب مالك، وقيامه معلم الأصول والإطلاع على أخبار النّاس وأيامهم، وأمثال العرب وأشعارهم.
وصنّف عدّة كتب، تعرب عن فضله، وتنبئ عن فهمه؛ منها "كتاب الشجعان"، وكتاب "أساس السياسة"، وكتاب "الدول المنقطعة"، وكتاب "بدائع البدائة".
وترقت به الحال، إلى أن استوزره الملك الأشرف أبو الفتح موسى بن أبي بكر بن أيوب، على حرّان وأعمالها؛ فبقي يتولاها مدّة يظهر على أهلها الحماقة الزائدة /203 أ/ عن الحدِّ والصلف؛ واستطال عليهم بالسفه والكلام الشنيع، ولم تحمد سيرته عندهم، فأبلغ الملك الأشرف ما كان يعامل به الناس، صرفه عن الولاية، فانتقل إلى مصر، فتوفّي بها في سنة ثلاث عشرة وستمائة.
وكان تيَّاهًا معجبًا بنفسه على من يخاطبه، شرس الأخلاق، تعتريه علّة سوداوية؛ وقفت على قطع وافرة من أشعاره، رواها عنه نجيب الدين بن شقيشقة.
أنشدني نجيب الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي العزّ بن أبي طالب الصفار الشيباني الدمشقي بها في المحرم سنة أربعين وستمائة؛ قال: أنشدني أبو الحسن علي بن أبي المنصور ظافر بن الحسين الأزدي المصري الكاتب لنفسه يذم الدنيا، ويذكر أغراضًا له: [من المنسرح]
مقتُّ هذا الزَّمان بعد مقه ... قد يبغض المرء بعض ما عشقه