وتبصر فيها من المال والعلا ... مع البؤس والفقر الملمّ بها سيبين
وأنشدني؛ قال: أنشدني لنفسه في الشَّمعة: [من البسيط]
وراهب بات طول اللَّيل منتحبًا ... يبكي وفي رأسه طرطور من ذهبه
/187 أ/ يشكو إلى الله إحراق الجحيم له ... يا فوخه واحتكام البرد في ذنبه
وأنشدني؛ قال: أنشدني لنفسه في البرغش: [من البسيط]
لله ليلتنا ما كان أطولها ... ظللت أقمص والبرغوث يرتقص
وبات يزمر حولي اللَّيل برغشها ... وبتُّ الطم وجهي وهو يمَّلصُّ
وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه من أبيات في الغربة: [من البسيط]
هبَّت له من ثنيَّات العيون صبا ... فحنَّ وجدًا لأيَّام الصِّبا وصبا
وذاب من ذكر وهران ومنزلة ... قد شبَّ فيها قديمًا عظمه وجبا
لله أيامنا والشَّمل ملتئم ... بساحتيه ودهر بالسرور حبا
إذ أسحب الذَّيل من عار الحمام إلى ... طود الشَّرائع أسعى والهوا خببا
لا أعرف الهمَّ أنى سار متَّجهًا ... ولا أوافق داعي العمر إن وثبا
فشتَّت الدَّهر شمل من معالمها ... كصاحب السدِّ إذ يسعى به سببا
وبدِّلت عيشتي بعد النَّعيم بها ... كما تبدَّل جنَّات بأرض سبا
وقد تردَّيت ثوب العزِّ بعدهم ... وبعد عزِّ وثوب الذُّل للغربا
إذا رأيت غريبًا سحَّ أدمعه ... وافقته في البكا إذ كلُّنا نسبا
/187 ب/ وما توادع قوم يوم بينهم ... إلا توقَّد قلبي والحشا لهبا
أعارض الرَّكب علِّي أن أرى رجلًا ... من آل وهران أو ألقى به كتبا
لا تيأسنَّ فإن الدَّهر ذو عجب ... وربما أعتب الدَّهر الَّذي عتبا
قد فاز يعقوب في الدُّنيا ببغيته ... من بعد ما عاش في أحزانه حقبا
[402]
عليُّ بن أبي منصور بن محمد، أبو الحسن الموصلي.
حدثني الصاحب أبو البركات المستوفي – رضي الله عنه – قال: كان من صناع الموصل الصفارين؛ عاميًا جاهلًا في غاية.