لقيته عند شيخنا أبي الحرم النحوي، وقد أنشده أبياتًا عينية، وارتكب فيها ألفاظًا ومعاني، لا يفهمهما من وقف عليها، ولا هو إذا سئل عنها يعلم معناها! ، إنما هي ألفاظ موزونة فقط؛ وكان شيخنا أبو الحرم قد بلغه أنه يقع في شعر أبي عبد الله النجراني؛ فتغيظ عليه ذلك اليوم تغيظًا شديدًا، فلم نزل نسكنه عنه حتى سكن.

كان يرد إربل ويتوصل إلى لقاء الوزير ولي الدين أبي الثناء محمود بن محمد بن نقدار الحراني، الَّذي كان مقدمًا بها، ليمتدحه فيأبى عليه /188 أ/ ويجبهه بكل منكر، وهو لا يكثرث لذلك، ولا يزال حتى يأخذ من صلة السلطان مظفر الدين أبي سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين؛ ومنه هكذا في كل سنة.

وقد سمعت منه كثيرًا من شعره، إلا أني لم أره أن أقيد عنه شيئًا لجهله؛ هذا كلّه كلام الصاحب أبو البركات – رضي الله عنه – ثم أنشد له هذه الأبيات من قصيدة:

[من الطويل]

أدرها كؤوسًا يا نديمي وداره ... وخذ واعطه من قبل حال داره

ولا تسقنيها في صغار محرِّمًا ... فإني أرى تحليلها في كباره

ولا تطف نيرانًا لها بمياهها ... اتقَّ الله واحذره وخف حرَّ ناره

معتقةً من رحل آدم في الحيا ... وعذراء بكرًا كالطلا في كباره

لها حبب كالدرِّ في الكأس لم يزل ... على رأسها في نظمه ونثاره

.. دهقانها في يمينه ... ترى لهبًا أو شعلةً في يساره

[403]

عليُّ بن أحمد بن عليِّ بن محمد، أبو الحسن بن أبي العباس العنبري المنجم، المعروف بابن دوَّاس القنا.

/188 ب/ من أهل واسط، ومن بيت معروف بها، كان هو وأبوه وأخوه شعراء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015