ولم يكن في زمانه أجود منه شعرًا، ولا أحسن نظمًا ونثرًا؛ مدح ملوك الأندلس، وأخذ صلاتهم، وانتشر ذكره /184 ب/ هنالك؛ وتولى التصرف في الأعمال الديوانية مع كتابة الإنشاء لبني عبد المؤمن، المستولين على الديار الأندلسية.

أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أبي بكر الشاطبي الأنصاري، قال: أنشدني أبو الحسن علي بن محمد بن حريق لنفسه في غلام أعور؛ وأحسن فيما قال وأبدع في المعنى: [من الخفيف]

لم يعبك الَّذي بعينيك عندي ... أنت أعلى من أن تعاب وأسنى

لطف الله ردَّ سهمين سهمًا ... رأفةً بالعباد وازددت حسنا

وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه يهجو كاتبًا: [من الرجز]

وكاتب ألفاظه وكتبه ... بغيضة إن خطَّ أو تكلَّما

ترى أناسًا يتمنُّون العمى ... وآخرين يحمدون الصَّمما

وأنشدني أبو القاسم محمد بن محمد الشاطبي؛ قال: قرأت على أبي الحسين ابن حريق من شعره قوله: [من الكامل]

يا ويح من بالمغرب الأقصى ثوى ... حذر العدا وجبيبه بالمشرق

/185 أ/ لولا الحذار على الورى لملأت ... ما بيني وبينك من زفير محرق

وسكبت دمعي ثم قلت لسكبه ... من لم يذب من زفرتي فليغرق

لكن خشيت عقاب ربِّي أن أرى ... أحرقت أو أغرقت من لم أخلق

وأنشدني؛ قال: أنشدني أبو الحسن بن حريق، وكان قد خرج إلى متنزهٍ له مع من يحبّه إلى خارج؛ فجاء السيل ومنع محبوبه من العود إلى البلد، فباتا جميعًا:

[من مخلّع البسيط]

يا ليلةًَ جادت الأماني ... فيها على رغم أنف دهري

تسيل فيها عليَّ نعمي ... يقصر عنها طويل شكري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015