وَهَذَا مِمَّا أَلْقَاهُ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم إِلَى أَصْحَابه من علم الْغَيْب فَلهُ مدْخل فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ على مَا نَحن بصدده.
وَمن أخباره [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم لأَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم بِمَا هُوَ من علم الْغَيْب مِمَّا يتَعَلَّق بِهَذَا الإِمَام الْحسن السبط رَضِي الله عَنهُ قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم: " إِن ابْني هَذَا سيد، وسيصلح الله بِهِ بَين طائفتين من الْمُسلمين " فَكَانَ ذَلِك كَمَا أخبر بِهِ الصَّادِق المصدوق. وَبِالْجُمْلَةِ فالأخبار المتلقاة عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم من غيب الله كَثِيرَة جدا تشْتَمل عَلَيْهَا المؤلفات الْمُدَوَّنَة فِي معجزاته.
وَاعْلَم أَنه قد اسْتدلَّ البُخَارِيّ بِهَذَا الحَدِيث الَّذِي شرحناه على التَّوَاضُع لذكره لَهُ فِي بَاب التَّوَاضُع، فَمن جملَة مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ مَشْرُوعِيَّة التَّوَاضُع. وَقد قَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح عِنْد تَمام شَرحه لهَذَا الحَدِيث.
" تَنْبِيه: أشكل وَجه دُخُول هَذَا الحَدِيث فِي بَاب التَّوَاضُع حَتَّى قَالَ الدَّاودِيّ: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث من التَّوَاضُع فِي شَيْء. وَقَالَ بَعضهم: الْمُنَاسب إِدْخَاله فِي الْبَاب الَّذِي قبله وَهُوَ مجاهدة الْمَرْء نَفسه فِي طَاعَة الله تَعَالَى.
وَالْجَوَاب عَن البُخَارِيّ من أوجه:
أَحدهَا: أَن التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى بالنوافل لَا يكون إِلَّا بغاية التَّوَاضُع لله تَعَالَى والتذلل لَهُ. ذكره الْكرْمَانِي.
وَثَانِيها: ذكره أَيْضا فَقَالَ: قيل: التَّرْجَمَة مستفادة مِمَّا قَالَ: كنت سَمعه، وَمن التَّرَدُّد.
قلت: وَيخرج مِنْهُ جَوَاب ثَالِث، وَيظْهر لي رَابِع وَهُوَ أَنه يُسْتَفَاد من لَازم