ثمَّ جعل لَهُ من المهابة فِي الصُّدُور مَالا تبلغ إِلَيْهِ المهابة لعادل، أَو جَائِر حَتَّى قَالَ النَّاس: إِن درته أهيب فِي الصُّدُور من سيف الْحجَّاج الَّذِي قتل من عباد الله ظلما وعدواناً نَحْو مائَة وَعشْرين ألفا.
وَكَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ يَقُول: " إِذا عوتب على قَول لم يقلهُ فِي أَيَّام عمر، أَو على فتيا لم يفت بهَا فِي زَمَانه: كَانَ عمر مهيباً فهبته " وَلَقَد صدق من قَالَ: " إِن سَعَادَة الْمُسلمين طويت فِي أكفان عمر " لِأَن مُعظم الْفتُوح الإسلامية فِيهَا ثمَّ حدث بعده مَا حدث من الِاخْتِلَاف الْعَظِيم فِي آخر أَيَّام الإِمَام الْمَظْلُوم الشَّهِيد [عُثْمَان] بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ. وَمَا زَالَت من بعد قَتله سيوف الْمُسلمين مُخْتَلفَة، من بَعضهم على بعض إِلَى هَذِه الْغَايَة، وَأَنت إِذا كنت عَالما بأخبار النَّاس عَارِفًا بِمَا [اشْتَمَلت] عَلَيْهِ تواريخ أهل الْإِسْلَام لم تشك فِي هَذَا، وَلأَجل هَذِه المزايا العمرية قَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، لما رأى عمر فِي أَكْفَانه: " مَا أحب أَن ألْقى الله بِعَمَل رجل من النَّاس إِلَّا بِعَمَل هَذَا ". وَإِنَّمَا يعرف الْفضل لأهل الْفضل ذووا الْفضل.
وَقد أخبرنَا الصَّادِق المصدوق بِأَن خلَافَة النُّبُوَّة بعده ثَلَاثُونَ عَاما، [فكملت] بخلافة الْحسن السبط رَضِي الله عَنهُ.