وَلَو سلمنَا تَخْصِيص ذَلِك بِمَا يَحْتَاجهُ النَّاس من علم الشَّرِيعَة، وَهَذَا لَا يحتاجونه لَكَانَ مَا قدمنَا ذكره من الْوَاقِعَات مِنْهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم من إطلاع بعض أَتْبَاعه على شَيْء من علم الْغَيْب دَلِيلا على أَن ذَلِك جَائِز.
وَأما قَول ابْن حجر مستدركاً على أبي الْفضل بقوله: " قلت: الْوَصْف الْمُسْتَثْنى للرسول هُنَا إِن كَانَ فِيمَا يتَعَلَّق بِخُصُوص كَونه رَسُولا فَلَا مُشَاركَة لأحد من أَتْبَاعه فِيهِ إِلَّا مِنْهُ، وَإِلَّا فَيحْتَمل مَا قَالَ وَالْعلم عِنْد الله " انْتهى.
فَأَقُول: لَيْسَ المُرَاد إِلَّا الشق الأول، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَلَو لم يكن ذَلِك الْوَصْف الْمُسْتَثْنى مُتَعَلقا بِخُصُوص كَونه رَسُولا لكفى قَوْله: {إِلَّا من ارتضى} بِدُونِ قَوْله: " من رَسُول " فَلَا يتم مَا قَالَه فِي الشق الثَّانِي من قَوْله. وَإِلَّا فَيحْتَمل مَا قَالَ.
نعم اقْتِصَار الشَّيْخ أَبُو الْفضل على مُجَرّد ذَلِك الْمِثَال، وموافقة ابْن حجر لَهُ بقوله، وَإِلَّا فَيحْتَمل مَا قَالَ إِن [أَرَادَ] أَن ذَلِك الْمِثَال. وَهَذَا الِاحْتِمَال فِي الْآيَة القرآنية. فقد عرفت اندفاع ذَلِك من الأَصْل، وَلَكِن كَانَ يَنْبَغِي لَهما أَن يحْتَجَّا لدُخُول بعض أَوْلِيَاء الله وصلحاء عباده فِي الظفر بِشَيْء من الْغَيْب الَّذِي اسْتَأْثر الله بِعَمَلِهِ بِمَا قدمنَا من قَوْله: " كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي يبصر بِهِ الخ ".
وَلَو فَرضنَا أَن دلَالَة هَذَا مَخْصُوصَة بقوله: لَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا