فَإِن قلت: فعلام تحمل نَحْو قَوْله عز وَجل: {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها} وَقَوله سُبْحَانَهُ {قل لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا} وَكَذَلِكَ سَائِر مَا ورد فِي هَذَا الْمَعْنى.
قلت: أجمع بَينهَا، وَبَين مَا عارضها فِي الظَّاهِر من قَوْله عز وَجل: {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فِيمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} وَمَا ورد فِي مَعْنَاهَا. وَمن ذَلِك الحَدِيث الْقُدسِي الثَّابِت فِي الصَّحِيح عَن الرب عز وَجل: {يَا عبَادي: إِنَّمَا هِيَ أَعمالكُم أحصيها عَلَيْكُم فَمن وجد خيرا فليحمد الله، وَمن وجد شرا فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه} بِحمْل الْآيَتَيْنِ [الْأَوليين] وَمَا ورد فِي مَعْنَاهُمَا على عدم التَّسَبُّب من العَبْد بِأَسْبَاب الْخَيْر من الدُّعَاء وصلَة الرَّحِم، وَسَائِر الْأَفْعَال والأقوال الصَّالِحَة. وَحمل الْآيَة [الْأُخْرَى] ، والْحَدِيث الْقُدسِي، وَمَا ورد فِي مَعْنَاهُمَا، على وُقُوع التَّسَبُّب من العَبْد بِأَسْبَاب الْخَيْر الْمُوجبَة لحسن الْقَضَاء، واندفاع شَره. وعَلى وُقُوع التَّسَبُّب من العَبْد بِأَسْبَاب الشَّرّ الْمُقْتَضِيَة لإصابة الْمَكْرُوه، ووقوعه على العَبْد.
وَهَكَذَا أجمع بَين الْأَحَادِيث الْوَارِدَة بسبق الْقَضَاء، وَأَنه قد فرغ من تَقْدِير